برنامج تدبر القرآن
المركز الإسلامي في سري، الخميس 10/04/2014
غسان نعمان ماهر السامرائي
المهدي المنتظر من خلال إطلالة قرآنية
القسم 2 من 3
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الهداة.
في هذا الأسبوع نستمر فيما بدأناه من تدبر بعض الآيات القرآنية التي تتعلق بعقيدة المهدي المنتظر وتشخيصه والإشكالات المثارة ، على أن نتم البحث في الأسبوع المقبل لتتم 3 حلقات بدلاً من 2.
في القسم الأول قلنا:
1-عقيدة المخلص الموعود المنتظر موجودة عند الأمم المختلفة
2-العقيدة عند المسلمين هي وجود رجل من ذرية النبي(ص) من ولد فاطمة(ع) يظهر في آخر الزمان من أجل أن ‹‹يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً».
3-وأن أهل السنة يعتقدون أن المهدي المنتظر سيولد ويظهر في آخر الزمان.
4-وأن الشيعة يشخصون هذا القائد المنتظر أنه محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(ع). وبالتالي فقد ولد في زمان قديم؛ تحديداً في 15 شعبان سنة 255 هجرية، وعليه فإن عمره الشريف يقترب من إثني عشر قرناً؛ وبملاحظة تاريخ وفاة أبيه (ع) سنة 260هـ فإن المهدي(ع) صار إماماً وهو في الخامسة من عمره؛ وأنه منذ ذلك التاريخ وإلى حد الآن هو غائب عن الأنظار.
عقيدة ولدت إشكالات
التشخيص الشيعي للمهدي المنتظر (ع) ولد إشكالات أثارها المسلمون الذين لا يؤمنون بهذا التشخيص، ذكرت أنها أربعة إشكالات، تناولنا الإشكال الرابع المتعلق بالحكمة من إناطة مهمة تحقيق دولة العدل الإلهي في العالم بشخص ولد منذ قرون وليس تركها لمن يولد في الزمان الذي يأذن الله به، وخلصت إلى أن المهمة التي هي "ظهور الإسلام على الدين كله" كما وعد الله في كتابه العزيز لا يمكن تحقيقها إلا تحت قيادة تتمتع بمواصفات استثنائية في النفس والعقل والعلاقة بالله تعالى وهو ما نجده في الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت (ع) حصراً، ولا يتحقق في غيره ممن يولد في زمان إقامة دولة العدل هذه.
وأما الإشكالات الثلاثة الأخرى فنتناول اثنين منها اليوم، وهما: مكان الغيبة، والإمامة المبكرة جداً؛ ليتبقى الإشكال الثالث: طول العمر غير المألوف مع الخلاصة في الموضوع في الأسبوع القادم.
(الإشكال الأول) كيف يكون في السرداب ولا نراه؟ أين هو؟
أين هو الآن؟ قضية السِّرداب / وهذا إشكال بسيط وجوابه بسيط - قضية سرداب سامراء، والذي صار قضية يشنع فيها على الشيعة، تدور حول سرداب بيت الإمامين العاشر والحادي عشر، الهادي والعسكري(ع)، وهو نفسه البيت الذي ولد فيه المهدي(ع)، ولكن على العكس مما يظن أهل السنة فإن الإمام المهدي(ع) لم يغب في السرداب بل هرب من السرداب ومن البيت كله عندما جاءت شرطة الخليفة العباسي لتكبس البيت... فكيف يبقى في السرداب وقد جاءوا إلى هناك لإلقاء القبض عليه؟! نعم، لعل هذا الظن تولد مما يقوم به الشيعة عندما يزورون أئمة الهدى(ع) في سامراء فينزلون إلى السرداب ويتضرعون إلى الله بتعجيل الفرج بظهوره. وردّ هذا الظن لا يحتاج إلى جهد لأن الشيعة يعتقدون أن ظهوره(ع) سيكون من المسجد الحرام في مكة المكرمة، فأين سرداب سامراء من هذا؟
إذاً، أين يعيش (ع)؟
الجواب المنطقي البسيط جداً: يعيش حيثما يشاء أو يشاء له ربه سبحانه وتعالى، وأرض الله واسعة وليس هناك مشكلة في ذلك كما هو واضح.
وقد روي في مكانه (ع) أمران:
· (الأول) أنه يعيش في المكان الذي يريده له الله تعالى، فإننا لا نظن مجرد الظن أن أمر الإمام (ع) لا يكون بعين الله تعالى في كل لحظة.
قال (ع): ((نحن وإن كنا ثاوين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين حسب الذي أرانا الله تعالى من الصلاح ولشيعتنا المؤمنين في ذلك ما دامت دولة الدنيا للفاسقين، فإنا نحيط علماً بأنبائكم ومعرفتنا بالذل الذي أصابكم مذ جنح كثير منكم إلى ما كان السلف الصالح عنه شاسعاً ونبذوا العهد المأخوذ منهم وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون...
أنا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم لولا ذلك لنزل بكم البلاء واصطلمكم الأعداء)).
· (الثاني) أن هناك مكاناً يتواجد فيه في وقت محدد من كل عام، وهو المسجد الحرام في موسم الحج، حيث يأتي عند البيت العتيق ليدعو ربه ((اللهم أنجز لي ما وعدتني)). طبعاً، هذا لا يعني أنه في المسجد الحرام أو عند الكعبة المشرفة طيلة الموسم، ولكن أنه (ع) يأتي إلى هناك في ذلك الموسم.
((( تفضلوا بالأسئلة )))
(الإشكال الثاني) كيف صار إماماً وعمره خمسة أعوام؟
وهذا الإشكال أصعب من سابقه - نقطة صغر سنه(ع) يوم تولى الإمامة بعد وفاة أبيه(ع)، فهل يعقل أن يكون صبي غير مميز عمره خمس سنوات إماماً على الخلق؟
الجواب يعيدنا إلى مسألتين:
(الأولى) الإطار الإلهي للقضية، وبالتالي يجب أن لا تؤخذ حسبما اعتدنا نحن البشر.
(الثانية) التميز الكبير لهذا النفر الكريم من أهل بيت محمد (ص)، بالخصوص في دورهم ا لخطير والذي ينعكس قطعاً على حياتهم حسب الظروف بحيث تحصل لبعضهم أحوال ليست من المألوف.
إختصاراً نقول:
أولاً – لم يكن الإمام (ع) أول صغير سن من سلسلة الأئمة الإثني عشر (ع)، فقد تولى جده علي الهادي(ع) الإمامة وهو في الثامنة، بعد وفاة أبيه محمد الجواد(ع)؛ الذي كان قد تولى الإمامة في الثامنة هو الآخر؛ فمن يؤمن بإمامة الإثني عشر من آل محمد (ص) لا بد أن يؤمن بهذا التسلسل التاريخي، وسنوات وفاة الإمام الأب ثم ولادة الإمام الإبن تعطي هذا السن الصغير.
ثانياً – إن الشيعة لم يكونوا بهذا الجهل أو الغباء بحيث يتقبلوا إماماً عليهم في هذا العمر الصغير لولا تيقنهم من هويته، أولاً من خلال سلسلة الأئمة الإثني عشر العامة، ثانياً من خلال تعريف أبيه الإمام بشكل يقطع بهويته، ثالثاً من قيام الحجة القاطعة على إمامته بعد توليها بعد وفاة أبيه.
ثالثاً – المسلمون عموماً يؤمنون بأن بعض الأفراد وصلوا إلى مستويات علمية كبيرة تصل إلى حد الإعجاز وهم في طور الصغر (كالإمام الشافعي أو الشيخ عبد القادر الكيلاني)، مع أن هؤلاء لا نص عليهم من كتاب أو سنة.
رابعاً – ما شهدناه على أرض الواقع من النبوغ غير المعتاد لبعض الأفراد، منهم الشهيد السيد محمد باقر الصدر الذي لم يقلد أحداً منذ سن البلوغ، ما يعني بلوغه مرتبة الاجتهاد قبل ذلك، أي في عمر الصبا. ومنهم من غير المسلمين الذين نبغوا بشكل عجيب، كالأخوين من كوريا الجنوبية يدرسان الفيزياء النووية في إحدى الجامعات الأمريكية (في الثمانينيات حسبما أتذكر)، أحدهما – وكان الأول على مرحلته – عمره 7 سنوات والثاني عمره 4 سنوات فقط، حتى أن الأستاذ كان يأتي بكرسي ليصعدا عليه من أجل الكتابة على اللوحة!
خامساً – ما اتفق المسلمون على روايته عن النبي (ص) أن الخلفاء أو الأمراء أو القيمين عددهم إثنا عشر، والذي يضع له نتيجة وهي ((لا يزال الدين عزيزاً)) وأمثالها، ما يدل على دورهم في حراسة العقيدة؛ وبما أنه لم تنجح طائفة من المسلمين في الإتيان بتشخيص لعدد الإثني عشر إلا الشيعة الأثنا عشرية فإن المنطق يقول أنه من الواجب وضع ما يعتقدون به موضع البحث على أقل تقدير، وحتى ينجح أحد – ولن ينجح – في الإتيان بما يعارضه. هؤلاء بدءوا بعلي بن أبي طالب (ع) واستمروا حتى حادي عشر اسمه محمد بن علي العسكري (ع)، فمن الثاني عشر؟ لا بد أنه ابنه (ع)، وفعلاً ولد له ابن سماه "محمداً" لأنه سمي النبي (ص) كما اختير ذلك له أصلاً. فمن لا يقبل بهذا فعلى الأقل يعطي نظرية مغايرة معقولة.
سادساً – الأهم في الإطار السنني العام هو ما نص عليه القرآن الكريم من قيام بعض المستخلفين المعصومين بأعباء الخلافة في عمر الصغر، وما ذكر منها في إيتاء يحيى(ع) الحكم صبياً:
((يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا)) مريم:12
فإن قيل أن يحيى (ع) كان نبياً فيجوز عليه ما لا يجوز على غيره، قلنا أن هذا صحيح إذا قورن مع الشخص العادي، أما إذا كانت المقارنة مع شخص له دور مشابه لدور الأنبياء (ع) عندها تصبح المقارنة جائزة؛ فكيف إذا كان هذا الدور المشابه أوسع، طولاً وعرضاً، فهو يمتد في النتائج المستهدفة من بعثات الأنبياء (ع) إلى إقامة القسط في العالم أجمع، إلى المدى الأوسع والذي لم يتحقق من قبل، كما يمتد في المساحة الجغرافية لهذا الدور والنتائج المستهدفة إلى المدى الذي لم تصله أية نبوة سابقة وهو العالم بأسره؟
عندها، ليس فقط تصبح المقارنة جائزة، ولا مبررة، بل تصبح نتيجتها محتمة للقول بضرورة تمتع الشخص هذا بنفس المواصفات الضرورية لأداء هذا الدور التاريخي، بل الفريد في التاريخ.
((( تفضلوا بالأسئلة )))
المقابلات بين يحيى وعيسى (ع) والجواد والمهدي (ع) من القرآن
هنا أود الإشارة إلى بحث لسماحة العلامة السيد سامي البدري (السامرائي) الذي يشير فيه إلى المقابلات بين قضية الإمامين الجواد والمهدي (ع) ويحيى وعيسى (ع) في سورة مريم، يمكن اعتباره نظرية تستفيد من حروف القرآن المقطعة عند تطبيقها على السنين والحوادث والأشخاص....
((بسم الله الرحمن الرحيم كهيعص . ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا . إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا . قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا . وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا . يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا . يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا . قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا . قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا . قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا . فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا . يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا . وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا . وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا . وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا)) مريم:1-15
ملخص ما قاله السيد البدري:
(1) ينطلق من التفاسير المطروحة لمعاني الحروف المقطعة أوائل السور القرآنية، والتي ربما وصلت إلى 20 رأياً أو أكثر
(2) أحدها من طرق أهل البيت (ع) حيث يقول الإمام الصادق(ع): ((إن في حروف القرآن المقطعة لعلماً جماً)) (كما ورد عن أبيه الباقر (ع) تفاصيل لبعضها)، وذلك من خلال حساب الجمل للحروف المقطعة أوائل السور، وهو حساب معروف يعطي لكل واحد من الحروف العربية، الأبجدية (أبجد هوز) وليست الهجائية (أل باء تاء ثاء)، قيمة عددية هي:
أ ب ج د هـ و ز ح ط ي
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10
ك ل م ن س ع ف ص ق
20 30 40 50 60 70 80 90 100
ر ش ت ث خ ذ ض ظ غ
200 300 400 500 600 700 800 900 1000
(3) حساب كهيعص يعطي قيمة عددية 195
(4) فإذا احتسبنا هذه بالسنين الهجرية، تكون سنة 195 سنة ولادة الإمام محمد الجواد (ع)
(5) جاءت ولادته (ع) وعمر أبيه الرضا (ع) تجاوز الأربعين عاماً ما يعد متأخراً جداً بحيث صار يقال أنه (ع) كان عقيماً / وهذه مقابلة مع زكريا (ع) في الآيات المتقدمة (ينبغي الالتفات إلى أن البشارة بيحيى (ع) جاءت بعد أن بلغ زكريا (ع) "من الكبر عتياً" أي بعد زمان من دعائه (ع) يوم "وهن العظم منه واشتعل الرأس شيباً" ووهن العظم يبدأ من الكهولة الأولى)
(6) توفي الرضا (ع) سنة 203 وكان عمر الجواد (ع) 8 سنوات، أي عمر الصبا / وهذه مقابلة مع عمر يحيى (ع) في الآيات المتقدمة
(7) معنى "يحيى" أي "جون" هي الجواد أو الكريم / وهو لقب أبي جعفر الجواد (ع)
Hebrew name (Yochanan) meaning "YAHWEH is gracious". This name owes its popularity to two New Testament characters... The first is John the Baptist, ... who was considered the forerunner of Jesus Christ. The second is the apostle John...
Yahya (Arabic)
http://www.behindthename.com/name/john
(8) بعد قصة زكريا ويحيى (ع) جاءت قصة مريم والمسيح (ع)، وأهم ما فيها من العجائب – غير ولادته من أم فقط – أنه (ع) تكلم صبياً لحظة ولادته يدل أمه (ع) على ما تفعل أن تحتها جدول ماء وأن لها في التمر غذاء
(9) ثم يتكلم صبياً ويعلن العبودية لله والنبوة ((فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا . قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا)) مريم:29-30، وهذا يعني إيتاءه الكتاب صبياً هو الآخر / الأمر الذي نجده مروياً عن كلام الإمام المهدي (ع) عند ولادته من رواية السيدة حكيمة بنت الجواد (ع) أي عمة العسكري (ع) أن العسكري (ع) قال له: ((بني أنطق بقدرة الله)) فاستعاذ عليه السلام من الشيطان الرجيم، ثم قرأ: ((بسم الله الرحمن الرحيم... وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ)) ثم صلى على رسول والأئمة الأحد عشر من آبائه (ع).
(10) والمسلمون متفقون على أن المسيح (ع) في مكان ما عند المولى عز وجل ((وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا . بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)) النساء:157-158 / وهذه مقابلة مع ما لم يزل يقوله من لا يؤمنون بولادة المهدي (ع)، فإن عدم ولادته أصلاً تقابل الزعم أنه قتل كما زعموا في عيسى (ع)، أي نفي الحياة
(11) بل هناك أيضاً اختلاف بني إسرائيل في أصل ولادته (ع) بحيث آمن بها من صاروا النصارى وجحدها من بقوا على اليهودية، كما أن المسلمين بين مؤمن بولادة المهدي (ع) وهم الشيعة ومكذب بها
(12) ثم هناك الاستفادة من قصة يحيى وعيسى (ع) معاً، وذلك أن يحيى(ع) مهد في نبوته المبكرة لعيسى (ع)، كما مهد الجواد (ع) في إمامته المبكرة (ومن بعده ولده الهادي (ع) الذي بدأت إمامته مبكراً بعمر ثماني سنوات أيضاً) لحفيده المهدي (ع)
(13) وتستمر الاتفاقات في أن المسيح (ع) سيعود إلى الأرض في زمان المهدي (ع)، ليس اعتماداً فقط على الروايات المتفق عليها بين المسلمين، ولكن على ما نص عليه القرآن ((وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا)) النساء:159، أي جميع أهل الكتاب سيؤمنون به ((وإن من ... إلا)) + ((قبل موته)) أي الموت الحقيقي الذي لا يمكن أن يحصل إلا بعد عودته إلى الدنيا وموته الموتة الطبيعية / وهذه مقابلة + ما هو مروي عن نزوله (ع) من مكانه الحالي في زمان ظهور المهدي (ع)
(14) ثم هناك أن مريم (ع) من ذرية إسحاق (ع) وفاطمة (ع) من ذرية إسماعيل، وقد اتفق المسلمون جميعاً على أن ((المهدي من ولد فاطمة))، أي يقابل أن المسيح (ع) من مريم (ع)؛ ولكن...
(15) مع فارق غاية في الأهمية بخصوص الدور المهدوي والدور العيسوي: إن أساس فاطمة (ع) هو إسماعيل (ع) في حين أن أساس مريم (ع) هو إسحق (ع)، وإسماعيل (ع) هو الخط الأصلي الذي ولد أولاً، في حين أن إسحق (ع) الإضافة لقوله تعالى ((وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ)) الأنبياء:72 أي "وهبنا لإبراهيم(ع) إسحق ويعقوب إضافة" فكأن إسماعيل(ع) الفرض؛...
(16) لهذا، وغيره، ليس عجيباً أنه عندما تقام الصلاة بعد انتصار الإمام المهدي (ع) فإنه هو الذي يتقدم للإمامة فيصلي عيسى (ع) خلفه كما روى المسلمون.
(17) أخيراً، نستفيد من عدد 195 ليس للسنة الهجرية ذاتها، ولكن أيضاً كعدد مضاف إلى سنة مفصلية تؤدي إلى سنة مفصلية في حياة المهدي (ع)، وذلك أننا:
إذا أضفنا 195 + 60 سنة بدء حركة الإمام الحسين(ع)، النتيجة هي 255 سنة ولادة الإمام المهدي(ع)؛ وبما أن الحسين (ع) يمثل القمة في قضية الظلم الذي وقع في الدنيا، لأن الناس قتلوه بالطريقة الفظيعة المعروفة ولم تمض إلا خمسون سنة على وفاة جده المصطفى (ص) صاحب الرسالة التي قتلوه (ع) باسمها، وحركة المهدي (ع) تمثل القمة في قضية إشاعة العدل في الدنيا، مع البعد الخاص في أنه (ع) حفيد الحسين (ع).
((( تفضلوا بالأسئلة )))
والحمد لله أولاً وآخراً وصلى الله على نبينا محمد وآله الأطهار.