ما يبنيه الدين لا تهدمه الدنيا 2 إبراهيم الخليل والإمام الحسين (عليهما السلام)
ما يبنيه الدين لا تهدمه الدنيا 2
إبراهيم الخليل والإمام الحسين (عليهما السلام)
في حديث
لسماحة الأخ العلامة السيد
سامي البدري * حفظه الله قبل بضع سنوات سجله لقناة الشرقية ليلة التاسع من المحرم
(أي يوم 8) - هو من ضمن حديثين، الثاني في الليلة التي بعدها - أنهى الحديث بشكل
رائع خلاصته:
إن إبراهيم
(عليه السلام) كان وحيداً في مجابهة نمرود ودولته القوية العظيمة، ثم ينتهي الأمر
إلى أن تصبح دولة إبراهيم (عليه السلام) بما تعرف من أتباعه من الديانات الثلاث في
جميع أنحاء العالم ويمثلون الديانات السماوية المتفق على أنها من عند الله تعالى
في حين أن نمرود انتهى ولم يتبق منه سوى آثار بالكاد عثر عليها قبل حوالي 150 سنة.
ولا نعرف
حالة أخرى حصلت في التاريخ مشابهة لإبراهيم (عليه السلام) ونمرود غير حالة الحسين (عليه
السلام) الذي كان وحيداً في مجابهة دولة يزيد التي كانت دولة قوية عظيمة واسعة، ثم
انتهى وقتل، ولكن دولته عادت على يدي أولاده (عليهم السلام) وشيعته حتى ترسخت، في
حين أن دولة يزيد انتهت بعد عشرات السنين وانتهت معه لعنه الله. ولا يشك مسلم في
أن دولة إبراهيم (عليه السلام) إنما قامت وترسخت بعين الله تعالى؛ فهل يمكن لدولة
الحسين (عليه السلام) أن لا تكون كذلك أيضاً؟
إنتهت الخلاصة
أقول:
إن الوصف
الذي استخدمه السيد البدري للخط الحسيني وهو "دولة الحسين" هو ترجمة
بالمعنى للحديث الشهير عن النبي (صلى الله عليه وآله): ((حُسينٌ منّي وأنا من
حُسين؛ أحبَّ الله من أحبَّ حسيناً؛ حسينٌ سبطٌ من الأسباط)) (أخرجه الترمذي في
صحيحه وابن ماجة والبخاري في الأدب المفرد والحاكم في المستدرك وأحمد في المسند
وغيرهم).
ولئن كانت كلمة ((حسين مني)) يمكن تفسيرها أنه منه نسبياً، فإن ((أنا منه)) لا يمكن تفسيرها بالنسب، وإذاً فهي تقول:
"إني
أوافق على كل موقف وقول وفعل له"، وفي هذا التصريح بصحة أقوال وأفعال ومواقف الحسين (عليه السلام) وبالتالي الأمر باتباعها جملة
وتفصيلاً.
فنهضة الحسين (عليه
السلام) إنما هي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) – تعليماً وتأصيلاً – وهي تجد
الموافقة التامة منه (صلى الله عليه وآله)، فيصدق وصف الخط الحسيني الذي نتج عن
هذه النهضة "دولة الحسين".
(بناء على نفس الفهم، فإن ((حسين مني)) لا تقتصر على النسب
لأن الكلمة مطلقة، بل تشمل أيضاً ما صدر من الحسين (عليه السلام) فهو أصيل من
النبي (صلى الله عليه وآله)؛ كذلك ((سبط من الأسباط)) فهي لا تعني أنه ابن ابنتي
فهذا بديهي، ولكنه يعني أنه "من نوع أولئك الأسباط الذين تعرفونهم" أي
المذكورين في القرآن من نسل إبراهيم (عليه السلام).)
نعود فنذكر بقول عامر بن عبد الله بن
الزبير في نصيحته لابنه: "إن الدين لم يبن شيئاً فاستطاعت الدنيا أن تهدمه،
وإن الدنيا لم تبن شيئاً إلا هدمه الدين".
(* سماحة السيد سامي البدري ينحدر من عشيرة ألبو بدري الحسينية
السامرائية، كان جده لأبيه قد انتقل من سامراء إلى بعقوبة، وولد السيد البدري
هناك؛ له مؤلفات عديدة فيها إبداعات فكرية وتاريخية تتعلق بما يعتقد به من مركزية
العراق في العالم، سابقاً وفي المستقبل – القريب إن شاء الله –، يمكن الاطلاع
عليها في موقعه على الانترنت.)