آية التطهير نزلت في أصحاب الكساء(ع) وليس في أمهات المؤمنين(رض)
الموقف من أم المؤمنين خديجة(ع)
في الحلقات الثلاث الماضية بحثنا موقف الشيعة من صحابة الرسول(ص)، بعد أن ذكرنا موقف أهل السنة منهم، وأثبتنا أن موقف الشيعة هو الموقف المنطقي لأنه منطق يفرّق بين الصحابة على أساس عطائهم للإسلام وثباتهم على العهد الذي عاهدوا الله عليه في حياة النبي(ص)، وأعطينا أمثلة كثيرة على نقد الصحابة بعضهم بعضاً مما يثبت أن موقف أهل السنة (المنبعث من موقف علمائهم بطبيعة الحال) موقف متعصب للصحابة أكثر من تعصبهم هم لأنفسهم، وأنه موقف يساوي بين الصحابة بحيث يظلم المحسنين منهم ويكافئ المنافقين والمنقلبين على أعقابهم منهم لا لشيء سوى لأن السياسة القرشية قررت ذلك منذ القرن الأول، وما كان على حكام المسلمين إلا وأن يحذوا حذو قريش، وإلا انهار الأساس الذي بنوا عليه سلطتهم.
بشكل مشابه، فإن موقف أهل السنة من أمهات المؤمنين يتميز بأمرين:
الأول: إعطاء الزواج من النبي(ص) منزلة أكثر من حقه بحيث صارت زوجة الرسول(ص) معصومة عن الخطأ فلا يجوز نقدها، وصار لكلمة أم المؤمنين التي منحها الله تعالى لزوجات النبي(ص) في قوله تعالى: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ (الأحزاب:6) أكثر من حقها إلى الدرجة التي جعلها بعضهم وكأنها أمومة بالمعنى الحقيقي حيث قالوا بأنه طالما كانت أم حبيبة بنت أبي سفيان أماً للمؤمنين فإن أخاها معاوية بن أبي سفيان خال المؤمنين!
الثاني: رفع بعض أمهات المؤمنين فوق البعض الآخر لا على أساس العطاء للإسلام، ولا على أساس المواقف في حياة النبي(ص) وبعد وفاته، بل على أساس سياسي بحت، بذات الوقت الذي غمط حق بعضهن لنفس الأسباب.
الشبهة:
يزعم المفترون بأن الشيعة يبغضون زوجات النبي(ص) لأنهم يقفون موقفاً نقدياً سلبياً من أم المؤمنين عائشة وكذلك حفصة، ولما كان لا يمكن لأحد أن ينقد أزواج النبي(ص) (حسب عقيدتهم التي تقضي بعصمة غير معلنة لهن) فإن الشيعة بموقفهم هذا ليسوا إلا أعداء للإسلام.
بل وصل الحد بهم أن اتهموا الشيعة بأنهم يطعنون أم المؤمنين عائشة في شرفها في قصة الإفك – نعوذ بالله وبه نستجير. هذا مع أن الشيعة يقفون من هذه الحادثة ما بين مؤمن بتفاصيلها، كما يؤمن به أهل السنة تماماً، من رمي المنافقين زوج النبي(ص) في شرفها مع الصحابي صفوان بن المعطل السلمي، ومن محنة مرّ بها بيت النبي(ص) بدءاً به عليه الصلاة والسلام، وثم نزول تنزيه أم المؤمنين والصحابي صفوان عن الفاحشة وزوال الغمة عن بيت النبي(ص)، وبين مؤمن بأن الواقعة كلها لا تخص عائشة أصلاً بل تخص مارية القبطية إذ رماها البعض بالإفك عندما قالوا للنبي(ص) بأن ابنه ابراهيم(ع) منها لا يشبهه بل يشبه قريبها. فمن من الشيعة رمى أم المؤمنين عائشة بالفحشاء والعياذ بالله؟ (ساهمت السيدة عائشة في اتهام أم ابراهيم (ع) عندما سألها النبي(ص) عن شبه ولده به، حيث روت هي نفسها ما يلي: فحملني ما يحمل الناس من الغيرة أن قلت: "ما رأيت شبهاً"؛ ويشاء الله أن تكون براءة مارية وابنها(ع) على يد علي(ع)).
ولا شك في أن السبب وراء ذلك هو الموقف الذي وقفه الشيعة من أم المؤمنين عائشة (ومع أم المؤمنين حفصة) بسبب مواقفهما المعادية عداء سافراً لأهل بيت النبي(ص) بدءاً من نكرانها الوصية لعلي بن أبي طالب(ع) وانتهاء بمنعها دفن الإمام الحسن(ع) بجنب جده، مروراً بحربها علياً(ع) في أول حرب بين المسلمين أنفسهم، ناهيك عن أحاديثها التي ساهمت في التعتيم على حق الأئمة(ع)، وهو ما استمر إلى يومنا هذا.
وقبل أن نتناول مواقف عائشة بنت أبي بكر باختصار، وموقف الشيعة والسنة منها، وكذلك موقف الشيعة والسنة من أمهات المؤمنين البارزات (غير عائشة) وهن: خديجة بنت خويلد(ع) وحفصة بنت عمر وأم سلمة، دعنا نقف على منزلة زوجات الأنبياء(ع) بصفة عامة، وزوجات نبينا(ص) بصفة خاصة، لنعرف الميزان الحق الذي يجب أن يوزنّ به.
زوجات الأنبياء(ع):
لا شك أن من أعظم منن الله على بعض بنات حواء هي تزويجهن من أصفيائه وأحبائه من الأنبياء والمرسلين، ولا شك أن هؤلاء اللواتي تشرّفن بالاقتران بسادة البشرية قامت عليهن الحجة البالغة بشكل يصبح معه اقتراف أي منهن للمعصية ذنباً عظيماً. أما إذا كانت المعصية أو المعاصي تصل إلى درجة خيانة النبي الزوج(ع) (وهي خيانته في رسالته وتبليغه) فإن الخسران سيكون نصيبها: قال عز من قائل: ﴿ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ﴾ (التحريم:10)، وقال عن امرأة لوط(ع): ﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ﴾ (هود:81) أي أنها ستهلك مع القوم الكافرين.
زوجات نبينا محمد بن عبد الله(ص):
نفس الشيء يقال عن زوجات نبينا محمد(ص)، فإن نعمة الله عليهن بتشرفهن بالاقتران بسيد الخلق والمبيت معه تحت سقف واحد وهن يرونه في حركاته وسكناته وهديه وخلقه وجميع أمره(ص) نعمة كبرى ومنّة عظمى لا يستطعن شكرانها مهما قدمن لله تعالى. لذلك فقد جعلهن الله في موقع يختلف عن باقي نساء الأمة ﴿يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء﴾ (الأحزاب:32)، فمن أطاعت الله ورسوله(ص) أخذت أجرها مضاعفاً: ﴿وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا﴾ (الأحزاب:31). وقال ﴿وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ (الأحزاب:29)، وأما من ارتكبت الفاحشة فيضاعف لها العذاب ﴿يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا﴾ (الأحزاب:30). وهذا لعمري هو العدل المطلق، فإنه إن كان هناك احتمال الثواب الواحد فلا بد وأن يقابله احتمال العقاب الواحد، أما إن كان هناك احتمال الحصول على ثوابين فلا بد أن يقابله احتمال العقابين؛ بل إن في ذلك تنشيطاً للمبتلى أن يبادر إلى فعل الحسنات لأن الترغيب مضاعف، وأن يمتنع عن السيئات لأن الترهيب مضاعف.
خلاصة القول هو أن الزواج من النبي(ص) أو غيره من الأنبياء(ع) لا يمنح الزوجة إلا بمقدار ما تمنحه هي لزوجها ورسالته من تقوى ومساعدة وصبر على الشدائد والبلاء، وامتناع عن الفواحش وعن الخيانة والتكذيب والإيذاء بشتى أنواعه لأنه تعالى قال: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ (التوبة:61).
نساء النبي(ص) وآية التطهير:
قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ (الأحزاب:32). جاءت هذه الآية في سياق آيات النساء التي ذكرنا بعضها أعلاه، وهو ما دفع بعض علماء السلف إلى استغلال موقع الآية فحسب لوضع زوجات النبي(ص) من ضمن أهل البيت المطهرين من الرجس. تأسيساً على ذلك، فإنهم يقولون: طالما أن نساء النبي(ص) قد أذهب الله عنهن الرجس وطهرهن تطهيراً فإنهن لا يرتكبن المعصية وأنهن مرضيّ عنهن، وبالتالي فلا يجوز مطلقاً نقدهن ونقد مواقفهن كائناً ما كانت. هذا قول أهل السنة المؤسس على قول بعض سلفهم.
أما الشيعة فيقولون أن ما أسسوه من عقيدة على هذه الآية منهار من أساسه لأن الآية لم تشمل نساء النبي(ص) أصلاً، بل أنها خصت النبي(ص) وبضعته الزهراء وزوجها علياً وولديهما الحسن والحسين(ع) فقط، وليس هناك من داخل تحت هذه الآية غيرهم مطلقاً. أما الدليل على ذلك فما يأتي:
1- تعارض دعوى التطهير وإذهاب الرجس عن نساء النبي(ص) مع الآيات التي تجعلهن سواسية مع غيرهن من النساء، بل التي أكدت أن في نساء المسلمين من كن ﴿خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا﴾ (التحريم:5) الواردة في حق عائشة وحفصة. وقد ذكرنا وضع أزواج النبي(ص) وأزواج الأنبياء(ع) بصفة عامة قبل قليل فراجع.
2- تعارض دعوى التطهير وإذهاب الرجس عن نساء النبي(ص) مع قوله تعالى في سورة التحريم (آية4) لعائشة وحفصة: ﴿إِن تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ وذلك في قصة المغافير؛ وصغت قلوبكما يعني مالت وانحرفت عن الحق، وهذا يتعارض مع التطهير من الرجس كما هو واضح.
3- تعارض هذه الدعوى مع الاحاديث التي يؤكد فيها بعض الصحابة على أنهن لم يكن من أهل البيت. من ذلك ما قاله الصحابي زيد بن أرقم برواية صحيح مسلم من أن أهل البيت ليسوا نساءه(ص) وإنما هم آل علي(ع) وآل عقيل وآل جعفر وآل العباس الذين حرموا الصدقة بعده (ص). وبالطبع فإن هذا يعطي المعنى اللغوي المتعارف عليه وليس المعنى الشرعي.
4- تعارض هذه الدعوى مع حديث الكساء وما تلاه من فعل النبي(ص)، فهو القول الفصل. فقد جمع النبي(ص) نفسه الزكية مع ابنته فاطمة وزوجها وسبطيه الحسن والحسين(ع) تحت كساء أو عباء خيبرية وتلا آية التطهير الكريمة، ثم أخذ يأتي كل يوم ولمدة ستة أشهر بعدها إلى دار علي وفاطمة(ع) يوقظهما لصلاة الفجر قائلاً: ‹‹الصلاة ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾››. ولأن المولى عز وجل يعلم منذ الأزل بأن أعداء أوليائه الطاهرين سيضللون الناس بأن يجعلوا معهم غيرهم، فإنه أنزل هذه الآية الكريمة في بيت إحدى زوجات النبي(ص) وهي أم سلمة(رض) التي حاولت الدخول مع الخمسة الطاهرين ظناً منها أن الآية تخصها هي أيضاً، فجذب النبي(ص) طرف الكساء ومنعها من الدخول. (ولكيلا يقول أحد بأنه إنما أراد منع أم سلمة وحدها لأنها لم تكن مرضياً عنها، فإن الله جعل نبيه(ص) يقول لها: ‹‹أنت على خير›› ليعرف المسلمون أن هذه المرأة المخلصة مرضي عنها من الله ورسوله(ص).)
أما موقع الآية أو جزء الآية في سياق آيات النساء فمردّه:
- إما أن الله أراد أن يؤكد على أن نساء النبي(ص) غير داخلات في نص الآية بأن جعل الخطاب يتجه أولاً إلى النساء بصيغة نون النسوة في الكلمات التي سبقت الآية، ثم انتقل مباشرة للخطاب بميم الجمع الذي يخص الرجال أو خليطاً من الرجال والنساء.
- أو أن الآية ليس هذا موقعها الأصلي، لأن القرآن الذي بين أيدينا، وإن احتوى على جميع ما نزل على النبي(ص) دون أي زيادة أو نقيصة، إلا أنه ليس مرتباً حسبما نزل على النبي(ص)، فمن الممكن أن تكون هذه آية مستقلة عن آيات النساء ثم جرى دمجها معها عندما جمع القرآن بعد وفاة النبي(ص) دون استشارة الإمام علي(ع) الذي كان عنده القرآن مرتباً حسبما نزل.
الموقف من أبرز نساء النبي(ص):
إختلف موقفا الشيعة وأهل السنة من زوجات النبي(ص) موقفاً بيّناً كبيراً، إذ رفع الشيعة من منزلة خديجة بنت خويلد(ع) فوق جميع نساء النبي(ص) الأخريات، في حين رفع السنّيون من منزلة عائشة بنت أبي بكر فوق منزلة الأخريات، أيضاً، يلاحظ المتابع للكتب والبحوث قديمها وحديثها بأن الشيعة وضعوا أم المؤمنين أم سلمة بعد خديجة، في حين وضع السنيون حفصة بنت عمر بعد عائشة. ولا يتسع المقام لشرح واف لمواقف أمهات المؤمنين الأربع المذكورات، لذا سأقوم بإعطاء موجز لسيرة كل منهن، مع موقف الطائفتين وأسباب ذلك.
خديجة بنت خويلد(ع):
الصحابية الأولى، بل المسلمة الأولى، آمنت قبل الناس جميعاً، ووقفت نفسها ومالها للدعوة الإسلامية منذ اللحظة الأولى، فلم تتردد ولم تبخل ولم تكذب. أفضل أزواج النبي(ص) على الإطلاق، لقوله(ص) لعائشة عندما أخذتها الغيرة منها يوم ذكرها النبي(ص) ورقّ لذكراها عندما جاءته هالة أخت خديجة، فقالت له: "ما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين هلكت في الدهر، قد أبدلك الله خيراً منها!"، قال(ص): ‹‹والله ما أبدلني الله خيراً منها، آمنت بي حين كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله منها الولد دون غيرها من النساء››.
وكان الرسول(ص) إذا ضبح شاة يقول: ‹‹أرسلوا إلى أصدقاء خديجة›› ليوزع عليهن منها؛ قالت عائشة: فأغضبته يوماً فقلت: "خديجة" (تعني لا تزال تذكر خديجة في كل مناسبة) فقال رسول الله(ص): ‹‹إني رزقت حبها››.
أنجبت خديجة(ع) للنبي(ص) ولدين هما عبد الله والقاسم (الذي به يكنّى)، وبنتين هما زينب والزهراء(ع) أو هما ورقيّة أو الثلاث وأم كلثوم (بعض الباحثين يذهب إلى أن البنات الأخريات غير الزهراء(ع) كن ربيبات خديجة فحسب). وماتت خديجة الكبرى(ع) في شعب أبي طالب بعد أن حاصرت قريش بني هاشم فيه وقاطعتهم المقاطعة المعروفة، ومات في السنة ذاتها عمه وكافله وحاميه أبو طالب، فجاءه الأمين جبرئيل(ع) قائلاً: ‹‹أخرج منها – أي مكة - فقد مات ناصرك››. فهاجر(ص) إلى المدينة الطيبة.
ولعلني لا أحتاج للتعريف بمنزلة خديجة الكبرى سوى أن أذكر قولة النبي(ص) الشهيرة: ‹‹ما قام الإسلام إلا بسيف علي ومال خديجة››. وإن شئت فاذكر قوله: ‹‹سيدات النساء أربع: خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم››. فسلام عليها في الأولين وسلام عليها في الآخرين.
موقف الطائفتين من خديجة الكبرى(ع):
يحترم جميع المسلمين هذه المرأة العظيمة ويحبونها ويعترفون بفضلها على الأمة الإسلامية منذ اليوم الأول للإسلام. إلا أنهم افترقوا في أن الشيعة وضعوها في منزلة تفوق جميع نساء النبي(ص)، بل جميع النساء عدا بضعتها فاطمة(ع) التي أعلى الله منزلتها بإذهاب الرجس وبالتطهير وهو ما فهمه الشيعة من الآية ومن الأحاديث الكثيرة على أنها العصمة من الذنوب. أما أهل السنة، فإنهم على الرغم من اعترافهم بحديث سيدات النساء الآنف، إلا أنهم جعلوا عائشة أعظم منها في نفوسهم، ودون أي سبب مكتوب. بل إن بعضهم، لفرط حبه لعائشة ونسيانه خديجة صار يخلط عائشة في سيدات النساء (كما قال أحدهم – وهو مثقف مطلع مؤلف مسؤول في وزارة الأوقاف الكويتية في الثمانينيات - من على شاشات تلفزيون الكويت) فلا يدري أيهما سيدة نساء العالمين: عائشة أم فاطمة، ولا ذكر لخديجة!