الحسن بن علي (عليهما السلام)
أدوار مهمة في الإسلام
1 من 3
بمناسبة ولادة جدنا ومولانا وإمامنا
الحسن بن علي (عليهما السلام)
في 15 من شهر رمضان من العام 3 للهجرة
المباركة
أتقدم إلى الجميع بالتهاني على حلول
مناسبة سعيدة تشيع في النفوس الارتباط بالله ورسوله (ص) والأمل بانفتاح الأمة على
هذا العلم البارز من الصفوة المختارة من آل محمد (ص) لتجد فيه دواءها في العلم
والحلم والشجاعة والكرم والاحتياط للأمة كل الأمة.
***
إنه لمن المؤسف أن هذا الإمام المجتبى
(ع) لم يحظ بالعناية التي يستحقها، ولا القريب منها، لا من شيعته ولا من الآخرين
من المسلمين؛
مع أنه شكل العنصر المهم في عدة أدوار
شغلها هو وحده، ما كان له أبلغ الأثر في الإسلام في جوانبه الثلاثة: العقيدة
والشريعة والمنظومة الأخلاقية.
لهذا، سأتعرض – في هذا المنشور ومنشورين
تاليين –:
·
لهذه
الأدوار بالذكر والتعريف وحسب (وهذا ما خطر بالبال، وإلا فإن البحث المتأني سيأتي
بالكثير)
وأتبعه ببضع منشورات عن:
·
صلحه (ع)
مع معاوية
·
والاختلاف
الظاهري بين موقفه وموقف أخيه الحسين (ع) فيما بعد
·
وعن بعض
العجائب من تعامل علماء الأمة معه (ع)
·
وأخيراً
لقطات من كلماته في خطبه ورسائله ومواعظه (ع).
***
(( 1 )) المصداق الأول لسورة الكوثر
قال تعالى ((بِسْمِ
اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ . فَصَلِّ
لِرَبِّكَ وَانْحَرْ . إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ))
فإن الرد على كلام المشركين أن النبي (ص) كان "أبتر" لأنه
لم يرزق ولد ذكر بقي حياً كان فاطمة (ع) التي كانت "الكوثر" الذي سيأتي
إلى الدنيا بالكثرة الكاثرة من ذرية النبي (ص) منها.
وهكذا، كان وليدها البكر "الحسن" (ع) هو المصداق الأول
لهذا الكوثر.
***
(( 2 )) سنن المواليد
رووا أن رسول
الله (ص) "أمرهم أن يلفوه في خرقة بيضاء فجيء به إليه، فأخذه (ص):
و (1) قبله، و (2) أدخل لسانه في
فيه، و (3) أذن في أذنه اليمنى، و (4) أقام في اليسرى، و (5) حلق رأسه، و (6) تصدق
بوزن شعره ورقاً (أي فضة)، و (7) طلى رأسه بالخلوق (الطِّيب)" و (8) عقّ (ص) عنه بكبشين.
فصارت هذه السنن المتبعة في مواليد المسلمين جميعاً.
(مع الانتباه إلى أن إدخال اللسان خاص بهؤلاء الأطهار (ع)، لأنه لا فائدة
منه في الناس العاديين، فقد كان هذا فعل النبي (ص) مع علي (ع) بشكل آخر وهو أنه
(ص) كان يمضغ اللقمة قليلاً ثم يخرجها ويضعها في فم علي (ع) ((وكان يمضغ الشيء
ويلقمنيه))، عادة مستمرة كما يبدو بعد أن انتقل علي (ع) وهو ابن 3 سنوات إلى بيت
النبي (ص) – خاصية في لـُعاب النبي (ص) لها أثرها الخاص فيهم (ع)؛ تلك الخاصية
التي رووا كيف أنها أفاضت بالبركة المعجزة على بضعة أقراص خبز وشيء من اللحم والمرق
صنعتها زوجة جابر بن عبد الله الأنصاري فأكل منها المسلمون جميعاً – من كان يحفر
الخندق قبيل معركة الأحزاب وباقي الناس في المدينة.)
***
(( 3 )) الإمامة في آل علي (ع)
لولا الحسن (ع) لكان يمكن القول أن
علياً (ع) إنما كان أحد الصحابة الكبار الذين صاروا خلفاء في المرحلة الأولى بعد
النبي (ص)، وحسب.
ولكن وجود الحسن (ع) في الإمامة –
بمعنييها الإداري/الخلافة والديني –، في القرآن (آية التطهير مثلاً) والسنة
(أحاديث الإثني عشر خليفة/أميراً/قيّماً)، جعل الخلافة العلوية ليست حالها حال
خلافة أبي بكر وعمر وعثمان قبلها، ولا خلفاء بني أمية والعباس بعدها، ولكن الحلقة
الأولى في السلسلة المباركة.
بعبارة أخرى: ساهم الحسن (ع) في إثبات
إمامة أبيه (ع) قبل إمامته هو (ع).
(ثم استمر الأمر في الحسين (ع) والأئمة
من ولد الحسين (ع) ليقطع دابر المتكلفين.)
***
(( 4 )) نوع إمامة أهل البيت (ع)
قال رسول الله (ص): ((الحسن والحسين
سبطان من الأسباط))
فهل كان (ص) يقول للناس: الحسن والحسين
حفيدان من الأحفاد من ابنتي؟!
ألا يعلمون ذلك؟!
هل النبي (ص) يقول كلاماً لا فائدة
منه؟
إذاً، كان (ص) يقول شيئاً آخر، نجده في
الذكر القرآني لكلمة "سبط"، فإن النبي (ص) الذي أنزل عليه القرآن يتكلم
على ضوئه.
قال تعالى: ((قُولُوا
آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلى إِبْرَاهِيمَ
وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأًسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى
وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ
وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)) البقرة:136،
ومثلها آل عمران:84،
ومثلها: ((إِنَّا
أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ
وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ
وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ
زَبُورًا)) النساء:163؛
فهذا يعني:
الحسن والحسين (ع) يكافئان في النوع
أسباط بني إسرائيل،
ولكن أسباط بني إسرائيل كانوا أنبياء +
النبوة ختمت بمحمد (ص)؟
إذاً:
الحسن والحسين (ع) ليسوا أنبياء
ولكنهما من نوع الأنبياء (ع)، وليس أقل.
وهذا نظير قوله (ص) لعلي (ع): ((أنت
مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي))،
فتكون هذه الحلقات الثلاث في السلسلة
المباركة من آل محمد (ص) قد ورد النص على أنها من المستوى الأعلى من عباد الله
تعالى وهم الذين ألقيت عليهم مسؤولية هداية العباد،
أن بالوحي النبوي والرسولي، أو
بالإمامة التالية للنبوة الخاتمة.
فمولانا أبو محمد الحسن (ع) كان – من
خلال حديث جده (ص) – المؤكد لنوع إمامة أهل البيت (ع).
***
(يتبع)
الحسن بن علي (عليهما السلام)
أدوار مهمة في الإسلام
2 من 3
بمناسبة ولادة جدنا ومولانا وإمامنا
الحسن بن علي (عليهما السلام)
في 15 من شهر رمضان من العام 3 للهجرة
المباركة
***
(( 5 )) الإمامة العصية على الدنيا
قال رسول الله (ص): ((الحسن والحسين إمامان
قاما أو قعدا))
كلمة من أعظم كلمات المصطفى (ص) وأشدها
دقة، فهي تقول:
الحسنان (ع) إمامان + الأمة ربما تدير
ظهرها لهما + يبقيان (ع) إمامين إذا حصل هذا
وهذا = الإمامة شقـّان إداري وديني،
الأمة "تستطيع أن تتجاهل الشق
الإداري" فتختار آخرين غير الأئمة (ع)،
ولكنها "لا تستطيع سلب الشق
الديني" لأن الأمة عاجزة عن توفير العلم الديني لمن تختاره برأيها القاصر.
فهذا نداء رسول الله (ص) إليكم أيها
المسلمون،
فهل تسيرون خلف الإمامين الحسنين (ع)
اللذين تمت تهيئتهما للإمامة فتجعلاهما "قاما"، أم خلف هذا وذاك ممن لم
يهيأوا فتجعلاهما "قعدا"؟
·
من كرامات
الله تعالى لأهل هذا البيت الطاهر، بل من لطفه للعباد جميعاً كي يتعرفوا عليهم (ع)
بشتى الوسائل، أن صفة "إمام" لم يستخدمها حتى غير أتباع أهل البيت (ع)
مع أحد من الصحابة غير علي (ع)! تجد وصف علي (ع) بالإمام شيئاً تلقائياً عند المسلمين
السنة – السنة وليس الوهابية، لأن الوهابية شيء آخر، تعافها هذه الصفة الكبرى
فهربت منها تماماً فلا تجد وهابياً يصفه (ع) بالإمام، وهذا من فضل الله العظيم على
عبده الكريم (ع)!
***
(( 6 )) إتمام تمثيل الإسلام مع الأمم
في أواخر حياة النبي (ص) (المشهور هو
24 من ذي الحجة من السنة 9 للهجرة)،
جاء وفد من نصارى نجران، شمال اليمن،
إلى المدينة، برئاسة رجال الدين، يحاور النبي (ص) حول المسيح (ع) وطبيعته، وعقدت
لقاءات حوار عدة أيام
(كان النصارى يقيمون صلواتهم داخل مسجده
(ص)، فليتعلم من هذا أدعياء الإسلام الذين يكفرون المسلمين لأتفه الأسباب)،
وكان الموقف النبوي على هدي القرآن:
((إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ
ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ)) آل
عمران:59.
ولما بقي الطرفان كل على رأيه، نزل
الوحي بالأمر التالي:
((فَمَنْ
حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ
أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ
ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)) آل
عمران:61،
فضرب النبي (ص) معهم موعداً خارج
المدينة لـ "المُلاعنة/المُباهلة"، وأعلن ذلك للمسلمين كي يخرجوا
للشهادة عليها.
في الموعد، وقفت الجموع الغفيرة من
المسلمين، ووقف الوفد النجراني، ينتظرون،
إلى أن أطلت تلك الوجوه الكريمة
والذوات الفاضلة،
كان النبي (ص) يمشي وقد حمل الحسين (ع)
بيد (وإن كان عمره نحو 5 سنوات)، وأمسك بيد الحسن (ع) الذي كان يسير بنفسه، وخلفهم
تمشي فاطمة (ع)، وخلفها يمشي علي (ع)،
وهو (ص) يأمرهم: ((إذا دعوتُ فأمنُّوا)).
فكان من فراسة رئيس الوفد النجراني
التوقف عن المباهلة خشية نزول اللعنة التي تعني العذاب الشامل،
قائلاً لأصحابه "إنّي لأرى وجوهاً لو شاء الله أن يزيل جبلاً عن مكانه لأزاله بها، فلا
تُباهلوا فتُهلكوا"!
وانتهى الأمر إلى المصالحة على دفع
ضريبة الجزية وبقاء كل على دينه كما يشاء.
وهكذا،
فإن الحسن (ع) كان أحد ممثلي الإسلام
إزاء الأمم الأخرى،
كان العنصر الثالث في وفد الإسلام –
عنصر "أبناءنا".
فلينظر ناظر بعقله إلى أهمية كل من
هؤلاء الأربعة الأبرار في وفد النبي (ص) الذي يتحدى الآخر بما نزل من الوحي،
وليفكر كيف أن هؤلاء هم صفوة الأمة، بل الصفوة في الأمة، التي لا يمكن أن تمثلها
إزاء الأمم من جانب ولا تكون التي تهديها إلى الصراط المستقيم.
وهكذا، كان الحسن (ع) هو
"الأبناء" في وفد المباهلة.
(* علماً أن الإمام الحسين (ع) لم يكن
"زائداً" عن الحاجة في المباهلة، بل كانت الحاجة إليه فيها لأمور:
1-
أنه
"يكافئ" أخاه الحسن (ع)، فلو لم يخرجه النبي (ص) ربما ظن الناس أنه ليس
كذلك
2-
أنه يمثل
الجانب من الإسلام الذي سيظهره بعد ذلك بخمسة عقود ونيّف في نهضته الكبرى
3-
أنه يقول:
إن لفظة ((أبناءنا)) التي أخرجت سائر الأبناء الذين تنطبق عليهم مواصفات تمثيل
الأمة، تعني أن عدم إخراج غير فاطمة (ع) لأن لفظة ((نساءنا)) لم تنطبق إلا عليها
حصراً وإلا لكان (ص) قد أخرج غيرها معها مثلما أخرج الحسين رغم وجود الحسن (ع).)
***
(( 7 )) التنبيه إلى الحق بصورة
دراماتيكية
أخرج ابن سعد في الطبقات (ج1 ص300) بسنده
"أن أبا بكر
رضي الله عنه خطب يوماً فجاء الحسن فصعد إليه المنبر فقال: ((إنزل عن منبر أبي
فقال)) علي: ((إن هذا لشيء عن غير ملإ منا)) (إي
"إملاء/تعليم" منا).
وروى ابن حجر في الصواعق المحرقة (ج2 ص515):
"وأخرج الدارقطني أن الحسن جاء لأبي بكر وهو على منبر رسول الله فقال: ((إنزل
عن مجلس أبي!)) فقال: صدقت والله إنه لمجلس أبيك! ثم أخذه وأجلسه في حجره وبكى،
فقال علي: ((أما والله ما كان عن رأيي!)) فقال صدقت والله ما اتهمتك)).
واضح أن ما قصد الحسن
(ع) أنه منبر "علي (ع)"، لأنه لو قصد منبر النبي (ص) (والجد أب أيضاً)
لما قال أبو بكر لعلي (ع) "ما اتهمتك" فإن "التهمة" تكون إذا
كان قصد الحسن هو منبر أبيه (ع) المتنازع عليه.
***
(يتبع)
الحسن بن علي (عليهما السلام)
أدوار مهمة في الإسلام
3 من 3
بمناسبة ولادة جدنا ومولانا وإمامنا
الحسن بن علي (عليهما السلام)
في 15 من شهر رمضان من العام 3 للهجرة
المباركة
***
(( 8 )) عقد الصلح مع البغاة
على الرغم من أن الإمام علي (ع) هو
الذي بدأ بالصلح مع البغاة عندما وافق على التحكيم بينه وبين معاوية بن أبي سفيان،
ولكن ذلك فيه:
1-
أنه حصل
منه مجبراً بعد خروج الخوارج بالألوف من الجيش وتهديدهم إياه بالقتل
2-
القضية
فشلت مع خطوة التحكيم نفسها، لهذا عاد (ع) لتعبئة الناس.
أما صلح الإمام الحسن (ع) فكانت فيه
عناصر مهمة سأذكرها في منشورين منفصلين قادمين إن شاء الله؛
ولكن يكفي القول أنه (ع) أعلن تشريع الصلح
مع البغاة داخل الأمة، وذلك في الجانبين:
الجانب الأول / الفكرة ذاتها
الجانب الثاني / تفاصيل وثيقة الصلح،
التي كان فيها أعظم الفوائد للأمة.
***
(( 9 )) تقديم السلم في الأمة على
الذات
بعد أن سُقي السّمّ (واحدة من مؤامرات
الصحابي الجليل!) وأيقن بالموت،
أوصى أخاه الحسين (ع) أن يدفنه إلى جنب
جده المصطفى (ص)، قائلاً:
((وأن
تدفنني مع رسول الله صلى الله عليه وآله فإني أحق به وببيته، فإن أبوا عليك
فأنشدك الله بالقرابة التي قرب الله عز جل منك والرحم الماسّة من رسول الله صلى
الله عليه وآله أن لا تهريق في أمري محجمة من دم حتى نلقى رسول الله صلى الله
عليه وآله فنختصم إليه ونخبره بما كان من الناس إلينا)).
وفعلاً، كما توقع (ع) – فقد رفض
الناس...
روى الواقدي (سير أعلام النبلاء، باب
ومن صغار الصحابة، الحسن بن علي بن أبي طالب، ص274-275):
"عن ابن
عمر، قال: حضرت موت الحسن،
فقلت للحسين:
إتق الله، ولا تثر فتنة، ولا تسفك الدماء، ادفن أخاك إلى جنب أمه، فإنه قد عهد
بذلك إليك."
وروى أيضاً
"عن أبي
حازم، قال لما حُِضر
(أي احتضر) الحسن،
قال للحسين:
((إدفني عند أبي))، يعني النبي (ص) ((إلا أن تخافوا الدماء، فادفني في مقابر المسلمين))،
فلما قبض، تسلح الحسين،
وجمع مواليه، فقال له أبو هريرة: أنشدك
الله ووصية أخيك، فإن القوم لن يدعوك حتى يكون بينكم دماء، فدفنه بالبقيع،
فقال أبو هريرة: أرأيتم لو جيء بابن موسى ليدفن
مع أبيه، فمنع، أكانوا قد ظلموه؟! فقالوا: نعم! قال: فهذا ابن نبي الله (ص) قد جيء
ليدفن مع أبيه".
وروى
أيضاً
"قال أبو هريرة مرة
يوم دفن الحسن:
قاتل الله مروان،
قال: والله ما كنت لأدع ابن
أبي تراب يدفن
مع رسول الله (ص) وقد دفن عثمان بالبقيع".
وهكذا ابن عمر دائماً، يسير بالاتجاه
الآخر. فبدلاً من أن يصطف مع الحسين (ع) ضد الممانعين لدفن أخيه (ع) عند النبي
(ص)، تجده يضغط عليه من أجل تحقيق البديل الثاني الأقل الذي في وصية الحسن لأخيه
(ع).
أما أبو هريرة، فقد قرّعهم على موقفهم
المخزي اللئيم مع ذلك المسجّى الكريم (ع).
على أن الإنصاف يقتضي القول أن الضربة
لم تأت من بني أمية وحسب، ولكن جاءت من غيرهم أيضاً، فإن الإعلان كان: "لا
يدفن غريب في بيتي"!
كيف يكون الحفيد غريباً لأرملة الجد؟
لا أدري.
وهل بعد الموت هناك قريب وغريب؟!
المهم هو أن أبا محمد (ع) قدم السلم في
أمة جده محمد (ص) على رغبته الخاصة، فأدى أحد أهم أدوار الإمامة الحقة في الإسلام.
***
(( 10 )) الشهادة الدائمة على النواصب
قبل ما يقرب من 90 سنة عجافاً عاشها
الحجاز تحت الظل الأسود للحلف السعودي-الوهابي المنحرف، وبفتوى من ابن بليهد
وآخرين، قام الإخوان الوهابيون بهدم قباب مقبرة بقيع الغرقد، القباب المقامة على
قبور الصحابة والتابعين وأمهات المؤمنين (رض)، والقباب المقامة على قبور أئمة
الهدى الحسن السبط وعلي السجاد ومحمد الباقر وجعفر الصادق (عليهم السلام)،
ليستمروا في العيش أسرى عند هؤلاء الهمج.
إن هدم قبة الأئمة الأربعة وعلى رأسهم
مولانا الحسن السبط (ع) بقي شاهداً على النصب لأهل البيت الطاهر، الذي اتخذ
أشكالاً مختلفة عبر العصور، لينتهي إلى محاولة مسح آثارهم الحجازية جملة وتفصيلاً.
وسيبقى هذا شاهداً عليهم – قبحهم الله
– إلى زوال ملكهم ومذهبهم المنحرف، قريباً بإذن الله تعالى.
***
فالسلام على جدنا وإمامنا ومولانا مولى
المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، يوم ولد وأدخل الفرحة على قلب
جده المصطفى (ع)، ويوم ذهب إلى ربه شهيداً سعيداً، ويوم يبعث حياً شاهداً على هذه
الأمة في الشهداء ((لتكونوا شهداء ويكون الرسول عليكم شهيداً))...
والحمد لله رب العالمين.
(إنتهى)