أضواء على جذور أكاذيب التاريخ
ما هي المصادر المعتمدة في النقاش؟
1 من 2
عند النقاش، عندما نأتيهم بروايات
من غير كتابي "البخاري ومسلم" فإن الخصم في النقاش يقول:
كلا، هات لي من البخاري ومسلم.
هنا مسألتان:
الأولى / هل حقاً أن روايات غير
البخاري ومسلم لا قيمة لها؟
الثانية / هل حقاً أن الخصم يعمل
بروايات البخاري ومسلم التي يطالب بها؟
***
الأولى /
هل أن الروايات في "البخاري ومسلم" هي وحدها التي يجب أن يتم الاحتجاج
بها من الشيعي على السني أم أن روايات غيرهما من الكتب "المعتمدة" عند أهل السنة أيضاً، خصوصاً من ألفها أصحابها من كبار العلماء على
أنها من الصحاح فقط وقبلها أهل السنة على أنها كذلك - سنن أبي داود،
سنن ابن ماجة، صحيح الترمذي، سنن النسائي (ناهيك عن سنن
البيهقي أو مسند أحمد أو صحيح ابن حبان وغيرها)؟
هل أن البخاري ومسلم استوعبا جميع
الصحاح كي لا نخرج عنهما؟
في المقابل هل أن الحديث الصحيح
لرسول الله (ص) الذي لم يروياه نهمله وكأنه لم يكن؟
***
في هذا أسئلة أعتقد أنه ينبغي على الأخ
"فلان" وغيره التفكر فيها:
1- إذا كان البخاري نفسه يقول أنه
اختار بضعة آلاف من الأحاديث من بين 100 ألف حديث "صحيح"، فهل من المعقول رفض أي حديث "صحيح" في كتب أخرى بما يعني رفض عشرات
الألوف من أحاديث النبي (ص) الصحيحة على شرط
البخاري الذي يعتبر أشد الشروط وأفضلها عند أهل السنة؟
2- إذا تم رفض حديث في "صحيح الترمذي" مثلاً، فإننا نقول أن الترمذي كان "كاذباً" عندما زعم أنه لم يخرج إلا ما صح
عنده، وأن من اهتم بشرحه مثل الأحوذي صاحب كتاب "تحفة الأحوذي في
شرح صحيح الترمذي" كان هو الآخر "كاذباً" بل "كذاباً" عندما وصفه بالصحة.
كذا الأمر في ما سماه أصحابه
وشرّاحه والعلماء الذين يصفونه أنه "صحيح" حتى سميت "الصحاح الستة" بضم كتب أبي داود وابن ماجة والترمذي والنسائي إلى كتابي البخاري
ومسلم؟
3- كيف يمكننا قبول أن "سنن النسائي" أحاديثه "صحيحة" وإن بدرجة أقل في الشروط من روايات البخاري ومسلم، ثم نهمل كتاب "الخصائص" للنسائي نفسه في فضائل علي (ع)؟ هل أن النسائي صار يخدع أهل السنة
في قضية تتعلق بإمامة من دارت ولم تزل تدور حول إمامته المعضلة الكبرى بين
الطائفتين والمذهبين؟
4- كيف يمكن قبول روايات في البخاري
تطعن في النبي (ص) في الصميم ودون أي مجال للخلاف - عدا التعصب الشديد المضحك المبكي وليس التعصب المعقول - بينما لا تقبل روايات في غير البخاري ومسلم مثلاً مع أنها توافق
القرآن والحديث الصحيح عند أهل السنة والعقل ولا شبهة حولها من أحد؟
5- لو ذهبنا أبعد مما سمي بالصحاح
وأخذنا كتباً لم يسمها مؤلفوها بالصحاح، أهمها في هذه النقطة "مسند أحمد بن حنبل"، كيف يمكن إهمال ما جاء في الإمام
علي (ع) فيه مع أن الإمام أحمد هو:
(أ) إمام الحديث + الفقه + العقائد عند أهل السنة، فهو مستوعب
للعلوم أكثر من البخاري ومسلم
(ب) هو نفسه قال أنه وضع "المسند" من أجل أن يرجع إليه الناس، ما يعني
أنه يعتقد بصحة جميع ما فيه
(ت) هو إمام السلفية التي نشرت أفكار
ابن تيمية والذهبي وابن كثير وابن القيم - رباعي الوهابية
السلفية الكبار الذين صارت المساجد والمكتبات والبيوت ومنها حتى بيوت الشيعة الذين
يكفرهم ويبدعهم ويفسقهم هؤلاء العلماء الكبار تزخر بهم دون غيرهم -، فلما يأتي الأمر إلى فضائل علي (ع) في "المسند" تصبح نسياً
منسياً لا قيمة لها؟
(يتبع)
***
أضواء على جذور أكاذيب التاريخ
ما هي المصادر
المعتمدة في النقاش؟
2 من 2
عند النقاش، عندما نأتيهم بروايات
من غير كتابي "البخاري ومسلم" فإن الخصم في النقاش يقول:
كلا، هات لي من البخاري ومسلم.
هنا مسألتان:
الأولى / هل حقاً أن روايات غير
البخاري ومسلم لا قيمة لها؟
الثانية / هل حقاً أن الخصم يعمل
بروايات البخاري ومسلم التي يطالب بها؟
***
الثانية /
إن الناظر في
موقف الخصم لا يحتاج إلى معرفة كذب الزعم العمل بروايات كتابي "البخاري"
و "مسلم" سوى إلى النظر في موقفهم من حديثي "المنزلة" و
"الثقلين"، فإنهم يعملون بما يحبون ويتركون – إلى درجة التعتيم والكتمان
التام – عن الذي لا يحبون، فهو الهوى ليس إلا:
فإني لم أزل أضع
بين يدي الذين أناقشهم، إلى درجة تحديهم وتحدي علمائهم جميعاً، أن يجيبوا على هاتين
الإشكاليتين:
الأولى / حديث
المنزلة الذي أخرجه البخاري ((يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي
بعدي)) – واضحة سهلة يفهمها حتى الطفل الصغير أن علياً (ع) هو "رقم 1"
في الأمة بعد نبيها (ص)، فكيف صيرتموه "رقم 4" وتصرون على هذا إلى الآن؟
فإما أن تكذبوا
الحديث، فتطيحوا بقاعدة أن "البخاري كله صحيح"، أو تؤمنوا بالحديث
وتعيدوا علياً (ع) إلى موقعيته – بل تؤوبوا أنتم إلى علي (ع) بعد أن تركتموه بخداع
الأولين...
الثانية / حديث
الثقلين الذي أخرجه مسلم ((إني تارك فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً:
كتاب الله وعترتي أهل بيتي)) (باختلاف الألفاظ والتقديم والتأخير) – واضح سهل هو
الآخر أنه إذا أرادت الأمة الأمان من السقوط في الضلال فإن عليها التمسك بالكتاب
وأهل البيت (ع) – فكيف صار أهل البيت (ع) عندكم نسياً منسياً اللهم إلا في بعض
الشعر هنا والذكر هناك، والذي سرعان ما يفتضح أنه ليس من أجلهم ولكن من أجل أن
تردفوه بعلاقتهم الرائعة التي كانت مع الصحابة موضع المشكلة معهم في الواقع؟
فإما أن تكذبوا
الحديث، فتطيحوا بقاعدة أن "صحيح مسلم كله صحيح"، أو تؤمنوا بالحديث
وتعيدوا أهل البيت (ع) إلى موقعيتهم – بل تؤوبوا أنتم إليهم (ع) وإلى مذهبهم
الفقهي بعد أن تركتموه بخداع الأولين.
(**** علماً أن حديث
"المنزلة" هذا لم ينفرد به البخاري، بل على العكس هو متفق عليه بين
البخاري ومسلم، ثم رواه غيرهما: فتح الباري ج7 ص60، صحيح مسلم ج7 ص120، مسند أحمد
الحديث 5972 وإبن عساكر في تاريخه ج13 ص150 و ج18 ص138 ، وسنن ابن ماجة ج1 ص45
رواية 121، وسنن الترمذي ج5 ص303 رواية 3813 و3814، وفضائل الصحابة للنسائي ص13
وغيرهم.
نفس
الشيء حديث "الثقلين": صحيح الترمذي رواية 3718، والنسائي ص96 رواية 79،
ومسند أحمد الروايات 10681 و 10707 و 10779 و 11135 و 20596، وذلك بألفاظ مختلفة
قليلاً، وسنن الدارمي رواية 3182، وغيرهم.)
***
المصادر المعتمدة في النقاش – نصائح قرآنية هائلة
فهل من تارك لهذه التناقضات وخاضع لأمر الله ورسوله (ص) – تدبروا
هذه الآيات المباركة التي تقرأونها في القرآن الذي في بيوتكم، فلا مهرب منها:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا
تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُون (20)
هذا خطاب إلى "كل مسلم"، فإن مصطلح
"الذين آمنوا" في القرآن يعني المسلمين، أن
(أ) تطيعوا الله في نص القرآن
(ب) تطيعوا الرسول (ص) في بيانه للنص القرآني
(ت) أن لا تديروا ظهوركم لما بينه لكم
(ث) وأنتم تسمعون تعقلون لا مهرب لكم من إقامة
الحجة عليكم؛
وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (21)
فهؤلاء يكذبون في زعمهم الطاعة، كما وجدنا من
الكثيرين في النقاشات مع الأسف الشديد؛
إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ
اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (22)
هؤلاء شر الخلق، الذين يصمون سمعهم ويخرسون
هاربين من الاعتراف بالحق وقد ألغوا ثمرات عقولهم؛
وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ ۖ
وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَّهُم مُّعْرِضُونَ(23)
يا لها من مصيبة نسأل الله أن يجنبنا إياها، أن
لا نكون من الذين لا خير فيهم، أن يغير حالنا إلى حال الخير والقابلية والانفتاح
على ما جاء من الله ورسوله (ص)،
وأن لا نكون أسوأ حتى من هذه الحالة: أن يسمعهم
مع ذلك، ولكنهم يتولون، معرضين عن الله ورسوله (ص)؛
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ
إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ
الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)
يخاطبكم من جديد بعنوان
"إسلامكم" الذي تعلنون – ((يا أيها الذين آمنوا)) –
إستجيبوا لله، في
نص كتابه العزيز، وللرسول (ص)، في بيانه للنص القرآني،
فهو (ص) يدعوكم
إلى ما فيه "حياتكم"، حياة القلوب وحياة العقول،
ها أنتم ترون كيف أن الخطاب إلى المسلمين
في عهد التنزيل يدعوهم للاستجابة، ما
يعني أن الكثيرين لم يكونوا مستجيبين حقاً لما نزل، فكان القرآن يذكر ويدعو، وها
هو هنا ينبههم أن القضية لا تتعلق بمجرد الطاعة لله تعالى عبودية له سبحانه،
ولكنها من أجل فائدتهم هم – فهي "الحياة" الحقيقية؛
ولا يفوتنكم التعبير الدقيق
((يحييكم))، فكأنهم موتى في واقع الأمر وجاء الرسول (ص) بالكتاب المنزل عليه،
وببيانه من العلم والحكمة، ليحييهم، فإن الحياة ليس النفس الذي يدخل ويخرج، ولكنه
حياة القلب الطائع لله والعقل الخاضع للدليل والبرهان؛
وينبههم أن الله يمكن أن يعين المرء
ضد الباطل عندما يمنع قلبه من أن يخضع خضوعاً تاماً بالاقتناع أن الباطل حق، فيبقي
له الأمل مفتوحاً طالما وجد فرصة تجرد فيها لله تعالى؛
والتذكير أن المآل إليه تعالى – فأين
تذهبون من الحساب؛
وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ
خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25)
لا تقولن لن تصيبني الفتنة لأني أسير على طريقة
لا لي ولا عليّ، فقد قالها الخلق قبلك في كل مكان فما كان إلا أن سقطوا في الفتن
ونتائجها الكارثية، لأن نتائجها تعم، وعندها فإن العقاب الشديد ينال من ينال ممن
عصى واتبع العاصين المنافقين الذين لم يستجيبوا لله ورسوله (ص) إذا دعاهم لما
يحييهم.