حذيفة بن اليمان (رض)
من الصحابة الذين صدقوا ما عاهدوا الله
عليه
1-4
***
بمناسبة ذكرى وفاة الصحابي الكبير
حذيفة بن اليمان (رض) في 28 من المحرم سنة 35هـ،
نذكر شيئاً يسيراً جداً من حق هذا
العبد الصالح المطيع لله ورسوله (ص) وأوليائه (ع) علينا، بعد أن أبلى بلاء حسناً
في السلم والحرب.
***
مهاجر وأنصاري في نفس الوقت
هو أبو عبد الله حذيفة بن حُسَيْل اليمان من بني
عبس، إعتنق الإسلام على يدي النبي (ص) مع أخيه ووالده.
وقد كان أبوه حليف الأنصار، وبما أنهم كانوا
يسمونهم اليمانية فقد صار لقبه "اليمان".
ولأن أباه حليف الأنصار وليس من أهل يثرب
الأصليين، فإنه عندما سأل النبي (ص) فيما إذا سوف يعده من المهاجرين أم الأنصار،
قال له النبي (ص): ((أنت من المهاجرين والأنصار)).
***
شدة إيمانه
من المعلوم أن المرء مهما كان مؤمناً مخلصاً فإنه
لا يتحمل الاعتداء على أهله، فكيف إذا وصل الحد إلى القتل، حتى ولو كان خطئاً؟
ولهذا شرع الله دفع الدية عند القتل الخطأ.
وقد امتحن حذيفة (رض) في ذلك امتحاناً شديداً،
فقد رأى بعينيه مقتل والده المسلم خطئاً بأيدي المسلمين.
في معركة أحد، رأى بعينيه رفاقه المسلمين يضربون
أباه بالسيف لاختلاط الأمر عليهم حيث كان مقنعاً بخوذة حديدية، وحاول منع ذلك –
صاح بهم: "أبي، أبي، أبي"،
فلما يمكن منع القتل.
فماذا صنع؟
إستغفر لهم،
بل واستمر في المعركة يقاتل.
بعد المعركة أمر النبي (ص) بدفع الدية لحذيفة،
ولكنه تصدق بها.
لا شك في أن هذا من مصاديق إعلان صفة
الشخص على أرض الواقع وليس تركها كمعلومة يوصلها الوحي إلى النبي (ص).
***
عيْن النبي (ص) يوم الخندق
روى حذيفة (رض) كيف أن المسلمين تفرقوا عن النبي (ص) إحدى ليالي حصار
قريش والأحزاب في الخندق، "فلم يبق معه إلا اثنا عشر رجلاً، فأتاني رسول الله
"ص) وأنا جاث من البرد، وقال: ((يا ابن
اليمان، قم فانطلق إلى عسكر الأحزاب، فانظر إلى حالهم))، قلت: يا
رسول الله، والذي بعثك بالحق ما قمت إليك إلا حياء منك من البرد. قال: ((فابرز الحَرَّة وبرد الصبح، انطلق يابن اليمان، ولا بأس عليك من حر ولا
برد حتى ترجع إليَّ))".
ذهب حذيفة عبر الخندق ودخل بينهم متخفياً
وعرف أمرهم، ورجع إلى النبي (ص) وأخبرهم أن الأحزاب تفرقوا عن أبي سفيان وأنهم
يعانون من البرد والريح.
***
في فتح العراق وفارس والشام
"شهد – أي حذيفة بن اليمان – فتح العراق والشام، وشهد اليرموك
13 هـ، وبلاد الجزيرة 17هـ ونصيبين.
وشهد فتوحات فارس.
وفي معركة نهاوند حيث احتشد الفرس في مائة ألف
مقاتل وخمسين ألفاً، اختار أمير المؤمنين عمر لقيادة الجيوش المسلمة (النعمان بن
مقرن) ثم كتب إلى حذيفة أن يسير اليه على رأس جيش من الكوفة، وأرسل عمر للمقاتلين
كتابه يقول: "اذا اجتمع المسلمون، فليكن كل أمير على جيشه، وليكن أمير الجيوش
جميعا (النعمان بن مقرن)، فاذا استشهد النعمان فليأخذ الراية حذيفة، فاذا استشهد
فجرير بن عبد الله"، وهكذا استمر يختار قواد المعركة حتى سمى منهم سبعة.
والتقى الجيشان ونشب قتال قوي، وسقط القائد النعمان شهيداً، وقبل أن تسقط الراية
كان القائد الجديد حذيفة يرفعها عالياً وأوصى بألا يذاع نبأ استشهاد النعمان حتى
تنجلي المعركة، ودعا (نعيم بن مقرن) فجعله مكان أخيه (النعمان) تكريماً له، ثم هجم
على الفرس صائحاً: "الله أكبر، صدق وعده، الله أكبر، نصر جنده" ثم نادى
المسلمين قائلاً: "يا أتباع محمد، ها هي ذي جنان الله تتهيأ لاستقبالكم، فلا
تطيلوا عليها الانتظار"؛ وانتهى القتال بهزيمة ساحقة للفرس.
وكان فتح همذان والري والدينور على يده وشهد فتح
الجزيرة."
منقول من ويكيبيديا...
(سأشير في الحلقة الأخيرة 4 إلى أسلوب الكتمان
لدور الإمام علي (ع) وشيعته من الصحابة والتابعين في الفتوحات.)
***
والي المدائن
عينه الخليفة عمر والياً على المدائن
وبقي عدة سنوات حتى عزله وعين مكانه سلمان الفارسي (رض).
بعد وفاة عمر، أعيد تعيين حذيفة والياً
على المدائن.
وبعد بيعة علي (ع) أبقى حذيفة في
مكانه، ولكنه توفي بعد 40 يوماً من ذلك.
***
وفاته
توفي حذيفة بن اليمان (رض) في مقر عمله في
المدائن بالعراق قبل وصول الإمام علي (ع).
روي أنه لما كان في الاحتضار أوصى ابنه بقوله:
"يا بني اظهر اليأس عمّا في أيدي الناس فانّ
الغنى في اليأس عن الناس؛
ولا تطلب حوائجك منهم فانّه فقر حاضر؛
وكن في يومك هذا أحسن من يومك الذي مضى؛
ولتكن صلاتك صلاة مودع لها واعتقد انّها آخر
صلاتك في الدنيا؛
ولا تفعل ما تعتذر منه".
فما أعظمهن من كلمات تنطلق من صحابي مهاجر أنصاري
صادق عالم عامل، يقوم بواجبه تجاه ولده كما تجاه نفسه في الدعوة إلى الله حتى
الرمق الأخير. لو تأمل كل منا في كل واحدة من هذه الوصايا، وحاول تفعيلها في
حياته، لكانت فيها السعادة في الدارين: الراحة في الدنيا، والفوز في الآخرة.
رحم الله حذيفة بن اليمان ورضي عنه وأنعم عليه
بأنواع الكرامة.
(يتبع)
حذيفة بن اليمان (رض)
من الصحابة الذين صدقوا ما عاهدوا الله
عليه
2-4
***
بمناسبة ذكرى وفاة الصحابي الكبير
حذيفة بن اليمان (رض) في 28 من المحرم سنة 35هـ،
نذكر شيئاً يسيراً جداً من حق هذا العبد
الصالح المطيع لله ورسوله (ص) وأوليائه (ع) علينا، بعد أن أبلى بلاء حسناً في
السلم والحرب.
***
معرفة حذيفة (رض) بأسرار ومغيبات
إشتهر أن حذيفة (رض) أعلمه النبي (ص) بقضيتين:
الأولى / أخبار الفتن التي ستحصل في الأمة
الثانية / أسماء المنافقين
***
أخبار الفتن، هل كما رووا عن حذيفة بالضبط؟
من هذه الروايات ما يجعله علماً عاماً ولكن لم
يحفظه الجميع:
أن حذيفة قال: "قام فينا رسول الله
مقاماً فحدثنا بما هو كائن إلى قيام الساعة، فحفظه من حفظه، ونسيه من نسيه".
بغض النظر عن عدم إمكانية أن الحديث تضمن
"جميع" ما هو كائن إلى قيام الساعة، فإن الكلام يشير إلى أنه (رض) ممن
حفظه.
***
ومنها ما فيه شيء من التفصيل:
أخرج البخاري ومسلم عن حذيفة (رض) أنه قالَ:
"كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ
اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ
الشَّرِّ، مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا
كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ
بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: ((نَعَمْ))، قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ
ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: ((نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ))، قُلْتُ: وَمَا
دَخَنُهُ؟ قَالَ: ((قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ
وَتُنْكِرُ))، قُلْتُ فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: ((نَعَمْ،
دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا))،
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، قَالَ: ((هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا،
وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا))، قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي
ذَلِكَ؟ قَالَ: ((تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ))، قُلْتُ
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ؟ قَالَ: ((فَاعْتَزِلْ تِلْكَ
الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ، حَتَّى يُدْرِكَكَ
الْمَوْتُ، وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ)).
وهو حديث مهم:
-
ما بعد النبي (ص)
ليس حالة وردية معصومة كما يصورون، لأن هناك جماعة "يهدون بغير هدي" أي
كما يشاءون + يخلطون المعروف والمنكر، أي يبتدعون في الدين ما سينكره حذيفة (رض)
-
هذه الحالة يمكن أن
تكون بعد النبي (ص) مباشرة، لأن الحديث لا يوضح معنى كلمة "بعد" في
سؤاله "بعد هذا الخير من شر؟"
-
أن الحالة تزداد
سوءاً بوجود دعاة "على أبواب جهنم" + وهم عرب مسلمون
-
وجوب عدم مفارقة
جماعة المسلمين + إمامهم، وبما أن الذي يأمر هو الرسول (ص) فلا بد أن يكون
"إمامهم" هو الإمام الشرعي، فكيف يكون هناك إمام شرعي والحالة يتصدرها
"دعاة على أبواب جهنم" لو لم يكن "إمام معارض"؟ وعندها هل كان
هناك إمام معارض غير أئمة الهدى من آله الطاهرين (ع)؟
-
في حالة التفرق لا
ينفع ما يقولونه من أنه يلزم أن تكون مع الحالة السائدة مهما كانت، لأنه (ص) يأمر
بالاعتزال (فهو نظير نصيحة علي (ع) ((كن في الفتنة كابن اللبون: لا ضرع يُحلب ولا
ظهر يُركب)).
***
ولكن هناك روايات تحدد زمان بدء الفتن، حيث
تزعم أن حذيفة قال عند الموت أن الفتنة ستكون وراءه:
أن حذيفة (رض) لما حضره الموت قال:
"حبيب جاء على فاقة! لا أفلح من ندم!
أليس بعدي ما أعلم! الحمد لله الذي سبق بي الفتنة – قادتها وعلوجها!"
وهذا لا يمكن قبوله كما هو وكأن
"الفتنة" لم تكن قد بدأت بعد، لأننا نعلم أن النبي (ص) صرح بكل وضوح أن
خيوط الفتن بدأت تُعقَد وهو لم يزل حياً، كما في حديث أبي مويهبة عندما أخذه (ص)
معه لزيارة مقبرة البقيع، وكيف أنه سلم على موتاها ثم خاطبهم بالقول:
((لِيَهْنِكُم ما أنتم فيه مما أصبح عليه
الناس! أقبل الفتن كقطع الليل المظلم يتبع بعضها بعضاً)).
تصريح واضح أن الناس "أصبحوا في"
أمر سيء بحيث أنه (ص) يهنئ الراقدين في البقيع على خلاصهم من هذا الأمر.
وهذا يعني أن الفتن "التي أقبلت"
كما قال (ص) ستبدأ "مباشرة" بعد وفاته (ص)؛
وبالتالي فإن حديث حذيفة (رض) إما ليس
صحيحاً أو غير دقيق.
وكيف يكون حذيفة (رض) قال هذا وهو الذي شهد
بنفسه – مع عمار (رض) – كيف حاول المنافقون الكبار قتل النبي (ص)؟!
النبي (ص) لم يأت بهم ليقتلهم (كما سأشير
بعد قليل)، وعليه فهم – أو بعضهم على الأقل – موجودون بعد وفاته (ص) مباشرة،
فهل الذي شرع في محاولة قتل النبي (ص)
سيتوقف عن ما هو أقل منها؟
(يتبع)
حذيفة بن اليمان (رض)
من الصحابة الذين صدقوا ما عاهدوا الله
عليه
3-4
***
بمناسبة ذكرى وفاة الصحابي حذيفة بن
اليمان (رض) في 28 محرم سنة 35هـ،
نذكر شيئاً يسيراً جداً من حق هذا
العبد الصالح المطيع لله ورسوله (ص) وأوليائه (ع) علينا، بعد أن أبلى بلاء حسناً
في السلم والحرب.
***
أسماء المنافقين
***
روي قول حذيفة (رض): "لو حدثتكم بحديث
لكذبني ثلاثة أثلاثكم" فتعجب شاب من قوله فسأله: "من يصدقك إذا كذبك
ثلاثة أثلاثنا؟!" فأوضح: "إن أصحاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم
كانوا يسألون رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن
الشر"، فسألوه عن السبب في ذلك، فقال (رض): "إنه من اعترف بالشر وقع في
الخير".
وهذا:
-
فهم من حذيفة (رض)
وتفهيم لنا أن المرء إذا عرف الخير فربما وقع في الشر دون اختيار، ولكنه إذا عرف
الشر فسيتجنبه وهذا تلقائياً يوقعه في الخير
-
أن هذه المعرفة
الحذيفية من الرسول (ص) "ثقيلة" على الناس بحيث أن "كلهم"
يرفضونها!
فهل نتوقع أن إخبارات النبي (ص) عن الشر في
المستقبل البعيد عنه، أو الإخبارات بشأن أشخاص يتوقع منهم الشر، هي من ضمن ما علمه
حذيفة منه (ص)؟
لا يمكن، لأن هذه أمور سيصدقها الناس، بينما
هو يقول أنها أمور سيكذبها الجميع.
***
ما يؤكد ذلك هو تصريح حذيفة (رض) أنه يخشى على
نفسه:
رووا قوله (رض): "لو كنت على شاطئ نهر، وقد مددت يدي لأغترف، فحدثتكم
بكل ما أعلم ما وصلت يدي إلى فمي حتى أقتل!"
ما علمه حذيفة (رض) من النبي (ص) من الخطورة
على معاصريه بحيث أنهم سيعمدون إلى قتله دون إبطاء ولا ثانية واحدة!
وهل الذين عندهم التمكين بقتل صحابي كبير
كحذيفة (رض) من عامة الناس؟!
وما هو هذا العلم الذي يخشى منه أولئك؟
***
لماذا لم يصرح حذيفة بأسماء المنافقين
الكبار؟
الروايات أعلاه تشير إلى سببين:
1-
الناس العامة
لن تصدقه "لكذبني ثلاثة أثلاثكم"
2-
المتنفذون
سيقتلونه.
والسبب الأول يعني أن العامة – لحسن
ظنهم بالمتنفذين – ستوافق على الفعل في الثاني، فيذهب حذيفة (رض) إلى ربه شهيداً
دون فائدة للأمة.
فماذا يفعل (رض)؟
***
يعمل
حذيفة (رض) بالتقية!
نعم،
التقية التي لم يزالوا يشنعون بها على الشيعة، مع أنها مبدأ عقلائي، ومع أنهم
يقومون بها كلهم دون استثناء!
رووا تصريح حذيفة (رض): "ما كلام أتكلم
به يرد عني عشرين سوطاً، إلا كنت متكلماً به!"
بل وصل الحال به (رض) من شدة المحنة "إني
لأشتري ديني بعضه ببعض، مخافة أن يذهب كله!"
ويوضحه:
"ما أدرك هذا الأمر أحد من الصحابة إلا قد اشترى بعض دينه ببعض! قالوا: وأنت؟
قال: وأنا والله! إني لأدخل
على أحدهم - وليس أحد إلا فيه محاسن ومساوئ - فأذكر من محاسنه، وأعرض عما سوى ذلك؛
وربما دعاني أحدهم إلى الغداء، فأقول: إني صائم، ولست بصائم!"
***
الفائدة
في كتمان حذيفة
أولاً "يجب أن نصدق
حذيفة" لأن النبي (ص) أمرنا: ((ما حدثكم حذيفة فصدقوه)).
ثانياً، أن اتخاذ حذيفة
(رض) التلميح بدلاً من التصريح لم يكن فقط لنجاته من التكذيب + نجاته من القتل،
ولكن لفائدتنا أيضاً.
وهذا ما يلفت
إليه الباحث حسن بن فرحان المالكي:
"حذيفة بن اليمان عنده أسرار رؤوس النفاق وآثارهم الفكرية
والدينية والسياسية ولولا أنه كتمهم لكان حذيفة اليوم عندنا من الكذابين!
كنا سنخسر كل شيء! فكانت الرموز التي يطلقها حذيفة أفضل من التصريحات
ليهتدي من بحث بصدق ويبقى الأنعام على ضلالتهم هذا الفرز مهم".
***
مجرمو
جريمة العقبة
نستطيع إضافة
سبب ثالث، هو منع النبي (ص):
فعندما
كشف (ص) لحذيفة وعمار (رض) عن شخصيات المنافقين الكبار الذين أرادوا قتله في
العقبة، أمرهما بالقول: ((أكتُماهُم)) أي أكتما أسماءهم عن الناس.
***
ولكن خرج من بين هذه التقية الشديدة لحذيفة
(رض) ما يشير إلى بعضهم.
من ذلك:
"كنا مع حذيفة جلوساً، فدخل عبد الله وأبو موسى المسجد فقال حذيفة: أحدهما منافق ثم قال: إن أشبه
الناس هدياً ودلاًّ و سمتاً برسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله!"
فلم يقل "أبو موسى الأشعري منافق"، ولكنه قال أن أحد الرجلين
منافق وعيّن الآخر كأشبه الناس بالنبي (ص)، فتبين أنه يقول "أبو موسى الأشعري
منافق"!
ومنها جاء من عمار (رض):
فإنه عندما سئل عن أبي موسى الأشعري قال: "لقد سمعت فيه من حذيفة
قولاً عظيماً، سمعته يقول: صاحب البرنس الأسود؛ ثم كلح كلوحاً علمت منه أنه كان
ليلة العقبة بين ذلك الرهط".
***
طبعاً، منهج الكتمان والتجهيل يعمل!
البعض رماها على آخرين، ولكنهم لمّحوا إلى ما يثبته:
قال ابن عبد البر في "الاستيعاب في معرفة
الأصحاب" عن أبي موسى الأشعري: "وكان منحرفاً عن علي لأنه عزله ... وكان لحذيفة قبل
ذلك فيه كلام!"
ثم أكد الأمر + منهج الكتمان والتجهيل في "الكنى في الإستيعاب في معرفة
الأصحاب":
"... روي فيه لحذيفة كلام كرهت ذكره والله يغفر له!"
ما شاء الله! الله يغفر لأبي موسى محاولة قتل النبي (ص) ولا يغفر لشخص مثلي
مثلاً يضع هذا المنافق على بساط البحث لأني أنتقد صحابياً "جليلاً"!
***
هل كان حذيفة (رض) يعرف المنافقين كلهم؟
الجواب: قطعاً لا!
(أولاً)
القرآن يصرح أن النبي (ص) نفسه لم يكن يعرفهم كلهم ((وفي المدينة مردوا على النفاق
لا تعلمهم نحن نعلمهم)) فكيف يعرفهم حذيفة؟
(ثانياً) الذي روي في معرفة حذيفة (رض) بأسماء
المنافقين روايات تبين أنه لم يكن يعرفهم جميعاً. الروايات على أقسام:
1-
روايات جريمة العقبة،
حيث حاول كبار المنافقين من الصحابة الكبار قتل النبي (ص) عند عودته من تبوك، فكشف
النبي (ص) شخصياتهم لحذيفة وعمار (رض)، حيث كان أحدهم يسوق ناقته (ص) والآخر
يقودها، فسأل النبي (ص) حذيفة عنهم فقال أنه لم ير وجوههم ولكنه عرفهم من رواحلهم
بعد أن هربوا في الظلام واندسوا بين الناس، فأخبره النبي (ص) بهم، فتعجب حذيفة –
لأنهم من كبار الصحابة الذين يظن بهم الإيمان والصدق –؛ من الطبيعي أن حذيفة سأل
النبي (ص) أن يذهبا هو وعمار للإتيان بهم وقتلهم، ولكن النبي (ص) أخبره أنه (ص) لن
يفعل خشية أن يتحدث الناس ((أن محمداً يقتل أصحابه)).
2-
روايات تعطي عدداً صغيراً جداً ممن تبقى منهم. ففي تفسيرهم للآية:
((فقاتلوا أئمّة الكفر)) التوبة:12 قول حذيفة: "ما بقي من أصحاب هذه الآية
إلا ثلاثة، ولا من المنافقين إلا أربعة!"
فإذا كان من تبقى من المنافقين 4 فقط، فلا بد أن
المنافقين في علم حذيفة (رض) هم مجرمو العقبة الـ 15، وإلا كيف تبخر المنافقون
الكثيرون في حياة النبي (ص) الذين فضحتهم سورة التوبة وغيرها؟
3-
روايات تشير إلى
بعضهم، وقد ذكرنا رواية عن عمار في أبي موسى الأشعري، وفي رواية أخرى: "كنت
جالساً مع عمار فجاء أبو موسى فقال: ما لي ولك؟ ألست أخاك؟ قال: ما أدري ولكن سمعت
رسول الله يلعنك ليلة الجبل! قال: إنه استغفر لي، قال عمار: قد شهدت اللعن ولم
أشهد الاستغفار!"
4-
روايات أن الخليفة
عمر كان عندما يموت صحابي فإنه كان ينتظر إذا لم يصلِّ عليه حذيفة فإنه لا يصلي
عليه. ولكننا لم نجد تسمية رجل واحد حصلت معه هذه القضية. هذا يشير إلى أن هذه روايات
وضعت للتشويش على الحقيقة.
5-
روايات تقول أن
الخليفة عمر سأل حذيفة فيما إذا كان هو – أي عمر – أحد المنافقين! بالله عليكم،
أما يعرف الإنسان نفسه أمؤمن هو أم منافق؟! فهذه روايات أخرى من أجل التشويش.
وعليه، فإن لب قضية معرفة حذيفة (رض) بأسماء
المنافقين إنما هو معرفته بأسماء المجرمين الكبار الذين أرادوا قتل النبي (ص) في
العقبة.
***
مؤامرة العقبة، بحيث قرآني
لمن يحب مطالعة البحث القرآني لهذه
الجريمة الكبرى من كتابي "عقدة الصحابة إفراط وتفريط" الفصل 7، الآية
المباركة الفاضحة لهؤلاء المجرمين
(﴿يَحْذَرُ الْـمُنَافِقُونَ
أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ
اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ. وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ
لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ
وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ. لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ
إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ
كَانُواْ مُجْرِمِين﴾) التوبة:64-66
يجده في رابط الكتاب على موقعي:
http://return2origins.com/books.aspx
أو في منشور الفيسبوك:
https://www.facebook.com/ghassanmahiralsamarrai/posts/1613738388855372:0
فاقرأ واعجب من موقف العلماء والمؤرخين
والمحدثين كيف يكتمون عن الأمة مثل هذه الواقعة الفظيعة.
واسأل العلماء الأقدمين والمعاصرين: من
أغلى وأهم عندكم – النبي (ص) أم الذين حاولوا قتله؟!
فاقرأ واعجب، ثم بعدها هل تعجب أن
الأمة تغط في نوم عميق؟!
(يتبع)
حذيفة بن اليمان (رض)
من الصحابة الذين صدقوا ما عاهدوا الله
عليه
4-4
***
بمناسبة ذكرى وفاة الصحابي الكبير
حذيفة بن اليمان (رض) في 28 محرم 35هـ،
نذكر شيئاً يسيراً جداً من حق هذا
العبد الصالح المطيع لله ورسوله (ص) وأوليائه (ع) علينا، بعد أن أبلى بلاء حسناً
في السلم والحرب.
***
الصحابة وأهل البيت (ع)
الباحث في التاريخ، ولو بشكل يسير، يجد أن الصحابة كانوا في
تعاطيهم مع أهل البيت (ع) على أقسام:
المبغض الذي يخفي بغضه ولكن تفضحه فلتات لسانه؛
والمبغض الذي لم يستطع إخفاء بغضه فكانت مواقفه واضحة؛
والبعيد الذي لم يتخذ موقفاً واضحاً؛
والموالي الذي كان مصطفاً معهم.
الصنف الأخير فيه درجات:
من يجاهر بلسانه نظراً لتركيبته الشخصية؛
ومن كان يتحرك بشكل غير مباشر؛
وبعضهم كان يجمع بين الطريقتين، ومن هؤلاء حذيفة بن اليمان
(رض).
فقد اعتمد طريق التقية من جانب من أجل إيصال بعض ما عنده من
النبي (ص) (راجع الحلقة 3)، كما اعتمد الجهر عندما تكون الفرصة سانحة (كما في بعض ما
يأتي).
***
المؤاخاة
في حالات المؤاخاة النبوية بين الصحابة إشارات إلى القسم الذي
ينتمي إليه كل اثنين:
فقد آخى رسول الله (ص) بين حذيفة وعمار بن ياسر (رض).
***
ثقة النبي
(ص) بحذيفة وعمار (رض)
هذه
المؤاخاة لا يمكن أن نفصلها عن الثقة التي كان (ص) يوليها لهما.
فلقد
وجدناه يستعملهما في عودته من تبوك، حيث كان عمار يقود الناقة وحذيفة يسوقها.
نسأل:
لماذا
عمار وحذيفة وليس غيرهما؟
هل أن
اختيارات النبي (ص) بعيدة عن اختيار الله أو عن الاختيار الأصوب؟
وفعلاً،
حصل ما
حصل وأراد المنافقون الكبار من الصحابة قتله (ص) في العقبة، فلو لم يكن معه حذيفة
وعمار (رض) فلربما كان بدلاً عنهما من أولئك المنافقين ونجحت الخطة.
***
حذيفة وأهل البيت (ع)
كان حذيفة (رض) من أقرب الصحابة إلى علي (ع)،
فقد كان:
1-
صاحب سر النبي (ص)
في معرفة المنافقين الكبار، فهذا سيكون قطعاً مع علي (ع) لأنه (ع) معيار الإيمان
والنفاق ((ولا يبغضك إلا منافق)).
2-
أعلن أن ما كان
يجري كان انحرافاً عنه الدين، فقد روى البخاري ومسلم من أقواله: "ابتلينا حتى
أن الرجل ليصلي وحده وهو خائف!" أو "ابتلينا حتى جعل الرجل منا لا يصلي
إلا سراً!"
3-
موقفه من حرب
السيدة عائشة وحزبها ضد علي (ع)، فقد رووا قول حذيفة: "لو أحدثكم ان بعض
أمهاتكم تأتيكم في كتيبة كثيرعددها شديد بأسها تقاتلكم ما صدقتم؟! قالوا: سبحان
الله ومن يصدق بهذا؟! قال: تأتيكم أمكم الحميراء في كتيبة يسوق بها أعلاجها من حيث
تسوء وجوهكم!"
4-
إلفاته (رض) إلى أن
شر المنافقين بعد النبي (ص) أشد، فاربطه بموقعية علي (ع) على عهد النبي (ص) ثم
بعده (ص) – روى البخاري قوله: "إن المنافقين اليوم شرٌّ منهم على عهد النبي
(ص)، كانوا يومئذ يُسِرُّون، واليوم يجهرون!"
5-
أنه كان أحد الـ 7 الذين صلوا على
جنازة مولاتنا الزهراء (ع)، بعد أن أوصت علياً (ع) أن يدفنها ليلاً سراً وأن لا
يصلي عليها من ظلمها.
6-
وصفه الإمام علي (ع) بعد بيعته (سيأتي
أدناه).
7-
وصيته لابنيه "صفوان" و
"سعد" أن يبايعاً علياً (ع) وأن يقاتلا بين يديه؛ ففعلا واستشهدا في
صفين، رضوان الله عليهما وعلى ذلك البيت الصالح الذي أخرجهما، ومعهما أخاهما
"عمران بن حذيفة" الذي كان من أصحاب المختار الثقفي في ثورته التي ثأرت
للإمام الحسين (ع).
***
حذيفة عند بيعة علي (ع)
روواً:
"لما بلغ حذيفة بن اليمان أن علياً قد
قدم ذا قار واستنفر الناس دعا أصحابه فوعظهم وذكرهم الله وزهدهم ورغبهم في الآخر
وقال لهم: إلحقوا بأمير المؤمنين وسيد الوصيين فإن من الحق أن تنصروه، وهذا ابنه
الحسن وعمار قد قدما الكوفة يستنفرون الناس فانفروا".
وفي رواية أن حذيفة كان مريضاً فبلغه بيعة
علي (ع) فأمر بإخراجه والدعوة "الصلاة جامعة"، فوضعوه على المنبر، فكان
مما قاله:
"أيها الناس إن الناس قد بايعوا علياً،
فعليكم بتقوى الله وانصروا علياً وآزروه فوالله أنه لعلى الحق أولاً وآخراً، وإنه
لخير من مضى بعد نبيكم ومن بعد نبيكم ومن بقى إلى يوم القيامة".
وأمر ابنيه صفوان وسعداً قائلاً:
"إذا أنا مت احملاني، وكونا معه،
فسيكون له حرب يهلك فيها كثير من الناس، فاجهدا أن تشهدا معه فإنه والله على الحق
ومن خالفه على الباطل".
ورووا أنه قال في بيعته (ع):
"إنه ولاكم الله أمير المؤمنين حقاً حقاً، وخير من نعلمه بعد نبينا،
وأولى الناس بالناس، وأحقهم بالأمر، وأقربهم إلى الصدق، وأرشدهم إلى العدل،
وأهداهم سبيلاً، وأدناهم إلى الله وسبيله، وأمسهم برسول الله صلى الله عليه وآله
رحماً ...".
توفي (رض) بعد ذلك بـ 7 أو 15 أو 40 يوماً.
***
إستفادة من حذيفة (رض) والفتوحات
الإسلامية
ذكرت في الحلقة 1 مشاركة حذيفة (رض) في
الفتوحات الإسلامية بشكل موجز بنقل من موقع ويكيبيديا.
هنا أود الإشارة إلى اعتماد أسلوب الكتمان
لدور علي (ع) وشيعته في الفتوحات.
يكفي هنا القول إلى أن تعيين "النعمان بن
مقرن المزني" كان من قبل علي (ع)، حيث جاءت رسالة عمار بن ياسر تنبئ الخليفة
عمر بتجييش الفرس لجيش من 150 ألفاً ينوون استعادة ما خسروه ثم الزحف على المدينة
وإسقاط الدولة الوليدة، وأنهم بدؤوا فعلاً بتحقيق انتصارات؛ فاهتز عمر لذلك ونادى
الصحابة واستشارهم بعد أن عرض عليهم أن يذهب بنفسه لقيادة الجيش.
أيده الجميع، بينما عارض ذلك علي (ع) ونصحه
بالبقاء خشية أن يركز الفرس عليه لقتله وتفكيك الجيش المسلم.
كما أنه (ع) عارض نصيحة عثمان بطلب القوات من
سائر مناطق الجزيرة لتكوين جيش إضافي يرسله إلى العراق، لأن في ذلك إضعافاً لكافة
المناطق فيكون احتمال الاضطرابات وارداً.
فكانت نصيحته أن يكون قوة يعين عليها
"رجلاً جَرِباً" أي مجرباً، فكان اختيار النعمان بن مقرن المزني عليها.
هذا بعد أن أعاد الإمام (ع) إلى عمر والآخرين
التذكير أن النصر من عند الله وليس بالكثرة – قام بواجبه (ع) كإمام حارس للشريعة
وللدين والدولة الوليدة.
ولو بحثتم عن "فتوح ابن أعثم"
والبعض من غيره لوجدتم هذا، ولكن لو بحثتم في المواقع الإلكترونية للمؤسسات
"الإسلامية جداً" فلا تجدونه، وربما وجدتم ما ذكرته أعلاه بتمامه ولكن
باستبدال ذكر علي (ع) بصفات من قبيل "أهل الرأي والمشورة"، مع أن أهل
الرأي والمشورة الآخرين قالوا عكس ما قاله وأن عمر رفض ما اقترحوه ولم يقبل ويتبع
إلا مشورة علي (ع)!
وهذه هدية لمن لا يصدق:
فقد كان رأي عمر أن لا يتوسع الفتح داخل
إيران، فقط يحصنون الحدود العراقية الإيرانية؛
ولكن من الذي أقنعه بالعكس؟
علي (ع)!
روى الطبري في تاريخه (ج3 ص246) "لما قدم على عمر فتح خراسان، قال: "لوددت
أن بيننا وبينها بحراً من نار!" فقال علي: ((وما يشتد عليك من فتحها، فإن ذلك
لموضع سرور!))
بل أن الترغيب بالأصل من علي (ع)، من خلال
علومه التي ورثها من النبي (ص). فقد روى ابن أعثم (الفتوح ج2 ص78)
أن علياً (ع) حدَّث عمر عن خراسان ومدنها، فقال عمر: "يا أبا الحسن
لقد رغبتني في فتح خراسان"، قال علي (ع): ((قد ذكرت لك ما علمت منها مما لا
شك فيه)).
فأين أقوالهم أن عمر قاهر المجوس ومحطم
الامبراطورية الفارسية بينما صار التهجم والافتراء يومياً، بل كل ساعة، على شيعة
علي (ع) الذي شجعه على قهر المجوس وتحطيم امبراطورية الفرس؟!
***
من أقوال حذيفة (رض)
* عندما رأوا أهل المدائن واليهم الجديد –
حذيفة – قادماً يركب حماره وأمسك بيديه رغيفاً وملحاً وهو يأكل ويمضغ عجبوا، فقد
كان ولاة الفرس شيئاً آخر، فقال حذيفة:
"إياكم ومواقف الفتن"،
فسألوه عنها،
فقال: "أبواب الأمراء، يدخل أحدكم على
الأمير أو الوالي، فيصدقه بالكذب، ويمتدحه بما ليس فيه".
*
وكان يهدي الناس بقوله: "ليس خياركم الذين يتركون الدنيا للآخرة، ولا الذين
يتركون الآخرة للدنيا، ولكن الذين يأخذون من هذه ومن هذه".
وهذا صدى لقول علي (ع) ((إعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل
لآخرتك كأنك تموت غداً)).
*
وكان يفصل للناس أنواع القلوب:
"القلوب أربعة:
قلب أغلف، فذلك قلب كافر، وقلب مصفح، فذلك قلب المنافق، وقلب
أجرد فيه سراج يزهر، فذلك قلب المؤمن، وقلب فيه نفاق وإيمان، فمثل الإيمان كمثل
شجرة يمدها ماء طيب ومثل المنافق كمثل القرحة يمدها قيح ودم، فأيهما غلب غلب".
تفصيل رائع من هذا العبد العالم،
فإن "قلب الكافر" مغلف بالسواد،
بينما "قلب المؤمن" مجرد من السواد+فيه سراج،
وأكثرها دقة القلب المحتوي على الاثنين، فإنه معرض إلى الاتجاه إلى
هذا الاتجاه أو ذاك، وهذا هو الذي يلفت النظر إلى أن القضية ليست مؤمن وكافر
ومنافق، بل أن هناك من في قلوبهم مرض ومن في قلوبهم زيغ ومن كفروا بعد الإيمان،
وهكذا.
***
فرضوان الله وتحياته ورحماته على سيدنا حذيفة، صاحب نبينا (ص)،
وصاحب مولانا (ع)، أعلى الله في الآخرة مقامه ورزقنا الفوز برؤيته وصحبه الأبرار
إنه سميع مجيب.
(إنتهى)