نسبها وزواجها
هي السيّدة فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف.
"تقدّم أبو طالب إلى والدها أسد بن هاشم وخطبها منه، ولمّا حضرت
الوفود لخطبة الزواج والاحتفال بالعروسين، قام أبو طالب وقال:
((الحمد لله ربّ العالمين، ربّ العرش العظيم، والمقام الكريم، والمشعر
والحطيم، الذي اصطفانا أعلاماً، وسدنة، وعرفاء، وخلصاء، وحجّته بهاليل، أطهار من
الخنى والريب، والأذى والعيب، وأقام لنا المشاعر، وفضّلنا على العشائر، نخب آل
إبراهيم وصفوته وزرع إسماعيل)).
ثم قال: تزوّجت فاطمة بنت أسد وسقت المهر ونفذت الأمر، فاسألوه واشهدوا.
فقال أبوها أسد: زوّجناك ورضينا بك، ثم أطعم الناس".
أنجبت أولاداً هم:
1: طالب.
2: عقيل.
3: جعفر.
4: علي (عليه السلام).
5: اُم هانىء.
6: جمانة.
***
فاطمة تتحدّث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
1- روي أن
السيّدة فاطمة بنت أسد حدثت:
"لمّا ظهرت أمارة وفاة عبدالمطّلب، قال لأولاده: من يكفل محمداً؟
قالوا: هو أكيس منّا، فقل لـه يختار لنفسه.
فقال عبد المطّلب: يا محمد جدّك على جناح السفر إلى القيامة، أي عمومتك
وعمّاتك تريد أن يكفلك؟
فنظر في وجوههم ثمّ زحف (مشى) إلى عند أبي طالب (ع).
فقال لـه عبد المطّلب: يا أبا طالب إني قد عرفت ديانتك وأمانتك، فكن لـه
كما كنت له.
قالت: فلمّا توفّي أخذه أبو طالب، وكنت أخدمه وكان يدعوني الأم."
2- وروي
حديثها:
"وكان في بستان دارنا نخلات، وكان أول إدراك الرطب ، وكان
أربعون صبياً من أتراب محمّد يدخلون علينا كل يوم في البستان ويلتقطون ما
يسقط، فما رأيت قطّ محمّداً يأخذ رطبة من يد صبي سبق إليها، والآخرون يختلس
بعضهم من بعض، وكنت كل يوم ألتقط لمحمد حفنة فما فوقها، وكذلك جاريتي؛ فاتّفق
يوماً أن نسيت أن ألتقط لـه شيئاً، ونسيت جاريتي، وكان محمّد نائماً، ودخل
الصبيان وأخذوا كل ما سقط من الرطب وانصرفوا، فنمت فوضعت الكم على وجهي
حياء من محمد.
قالت: فانتبه محمد، ودخل البستان فلم يرَ رطبة على وجه الأرض، فانصرف،
فقالت لـه الجارية: إنّا نسينا أن نلتقط شيئاً، والصبيان دخلوا وأكلوا جميع ما
كان قد سقط.
قالت: فانصرف محمد إلى البستان، وأشار إلى نخلة، وقال: أيّتها الشجرة أنا
جائع!
قالت: فرأيت النخلة قد وضعت أغصانها التي عليها الرطب، حتى أكل منها محمد
ما أراد، ثم ارتفعت إلى موضعها.
قالت فاطمة: فتعجّبت، وكان أبو طالب قد خرج من الدار، وكل يوم إذا رجع
وقرع الباب كنت أقول للجارية حتى تفتح الباب، فقرع أبو طالب الباب فعدوت حافية
إليه وفتحت الباب وحكيت لـه ما رأيت.
فقال: هو إنما يكون نبياً، أنت تلدين وزيره بعد ثلاثين، فولدت علياً كما
قال".
***
حديثها عن ولادة علي (ع)
رووا حديث الإمام جعفر الصادق (ع) قال:
((كان العباس بن عبد المطلب ويزيد بن قعنب جالسين ما بين فريق بني هاشم
إلى فريق عبد العزّى بإزاء بيت الله الحرام إذ أتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أمّ
أمير المؤمنين وكانت حاملاً بأمير المؤمنين تسعة أشهر وكان يوم التمام.
فوقفت بإزاء البيت الحرام وقد أخذها الطلق فرمت بطرفها نحو السماء وقالت:
أي ربّ إنّي مؤمنة بك وبما جاء به من عندك الرسول وبكل نبي من أنبيائك
وبكل كتاب أنزلته، وإنّي مصدّقة بكلام جدّي إبراهيم الخليل وإنه بنى بيتك
العتيق، فأسألك بحق هذا البيت ومن بناه وبهذا المولود الذي في أحشائي الذي
يكلّمني ويؤنسني بحديثه وأنا موقنة أنه إحدى آياتك ودلائلك، لما يسّرت عليّ
ولادتي.
قال العباس بن عبدالمطّلب ويزيد بن قعنب: لمّا تكلّمت فاطمة بنت أسد ودعت
بهذا الدعاء رأينا البيت قد انفتح من ظهره ودخلت فاطمة فيه وغابت عن أبصارنا ثم
عادت الفتحة والتزقت بإذن الله تعالى، فرمنا أن نفتح الباب لتصل إليها بعض
نسائنا فلم ينفتح الباب، فعلمنا أنّ ذلك أمر من أمر الله تعالى، وبقيت فاطمة في
البيت ثلاثة أيام.
قال: وأهل مكّة يتحدّثون بذلك في أفواه السكك وتتحدّث المخدّرات في
خدورهنّ.
قال: فلمّا كان بعد ثلاثة أيام انفتح البيت من الموضع الذي كانت دخلت
فيه، فخرجت فاطمة وعلي على يديها)).
***
أنا الذي سمّتني أمّي حيدرة
إشتهر رجز الإمام علي (ع) يوم خيبر، وفيه يقول:
أنا الذي سمّتني أمّي حيدرة
كليثِ غاباتٍ شديدٍ قَسوَرَة
ذلك أن فاطمة بنت أسد سمّته بأحد أسماء الأسد، والأسد إسم أبيها.
***
وفاة السيّدة فاطمة بنت أسد
عن عبد الله بن عباس قال:
"أقبل علي بن أبي طالب (ع) ذات يوم إلى النبي (ص) باكياً وهو يقول: ((إنّا
لله وإنّا إليه راجعون.
فقال لـه رسول الله (ص: مه يا علي؟
فقال علي: يا رسول الله ماتت اُمّي فاطمة بنت أسد.
قال: فبكى النبي (ص) ثم قال:
رحم الله اُمّك يا علي، أما إنّها كانت لك اُمّاً فقد كانت لي اُمّاً، خذ
عمامتي هذه وخذ ثوبي هذين فكفّنها فيهما ومُرِ النساء فليُحسِنَّ غسلها ولا
تخرجها حتى أجيء فإليّ (فأَلِي) أمرها.
قال: وأقبل النبي (ص) بعد ساعة واُخرجت فاطمة اُمّ علي، فصلّى عليها
النبي (ص) صلاة لم يصلّ على أحد قبلها مثل تلك الصلاة، ثم كبّر عليها أربعين
تكبيرة، ثم دخل إلى القبر فتمدّد فيه، فلم يسمع لـه أنين ولا حركة.
ثم قال: يا علي اُدخل، يا حسن اُدخل، فدخلا القبر،
فلمّا فرغ ممّا احتاج إليه قال لـه: يا علي اُخرج يا حسن اُخرج، فخرجا،
ثم زحف النبي (ص) حتى صار عند رأسها ثم قال:
يا فاطمة أنا محمد سيد ولد آدم ولا فخر فإن أتاك منكر ونكير فسألاك من
ربّك فقولي الله ربّي ومحمد نبيي والإسلام ديني والقرآن كتابي وابني إمامي
ووليي.
ثم قال: اللهم ثبّت فاطمة بالقول الثابت.
ثم خرج من قبرها وحثا عليها حثيّات، ثم ضرب بيده اليمنى على اليسرى
فنفضهما ثم قال: والذي نفس محمد بيده لقد سمعت فاطمة تصفيق يميني على شمالي)).
فقام إليه عمّار بن ياسر فقال: فداك أبي واُمّي يا رسول الله لقد صلّيت
عليها صلاة لم تصلّ على أحد قبلها مثل تلك الصلاة.
فقال: ((يا أبا اليقظان وأهل ذلك هي منّي؟
لقد كان لها من أبي طالب ولد كثير ولقد كان خيرهم كثيراً وكان خيرنا
قليلاً فكانت تشبعني وتجيعهم، وتكسوني وتعريهم، وتدهنني وتشعثهم)).
قال: فلِمَ كبّرت عليها أربعين تكبيرة يا رسول الله؟
قال: ((نعم يا عمّار التفت عن يميني فنظرت إلى أربعين صفّاً من الملائكة
فكبّرت لكل صف تكبيرة)).
قال: فتمدّدك في القبر ولم يسمع لك أنين ولا حركة؟
قال: ((إنّ الناس يحشرون يوم القيامة عراة ولم أزل أطلب إلى ربّي عزّوجلّ
أن يبعثها ستيرة، والذي نفس محمد بيده ما خرجت من قبرها حتى رأيت مصباحين من نور
عند رأسها ومصباحين من نور عند يديها ومصباحين من نور عند رجليها وملكيها
الموكّلين بقبرها يستغفران لها إلى أن تقوم الساعة))".
***
من الشفعاء إلى الله
روي أن داود الرقّي قال: "دخلت على أبي عبد الله (ع) ولي على رجل
مال قد خفت تواه، فشكوت إليه ذلك، فقال لي:
((إذا صرت بمكّة فطف عن عبد المطّلب طوافاً وصلّ ركعتين عنه، وطف عن أبي
طالب طوافاً وصلّ عنه ركعتين، وطف عن عبد الله طوافاً وصلّ عنه ركعتين، وطف عن
آمنة طوافاً وصلّ عنها ركعتين، وطف عن فاطمة بنت أسد طوافاً وصلّ عنها ركعتين،
ثم اُدع أن يردّ عليك مالك))، قال: ففعلت ذلك ثم خرجت من باب الصفا وإذا غريمي
واقف يقول: يا داود حبستني تعال اقبض مالك".
رووا قول أنس بن مالك:
"لما ماتت فاطمة بنت أسد دخل
عليها رسول الله فجلس عند رأسها فقال: ((رحمك الله يا أمي بعد أمي))".
***
قبرها الشريف
قبرها في بقيع الغرقد بقرب قبور الأئمة (ع)، في موضع كان يعرف بحمام أبي
قطيفة، بجهة مشهد سيدنا إبراهيم، وعليه قبّة، واليوم يقابلها نخل يعرف بالحمام،
وإنّ مشهد فاطمة معروف.
طبعاً هذا الكلام (من قول المؤرخ السمهودي صاحب أهم الكتب عن تاريخ
المدينة المنورة "وفاء الوفا في أخبار دار المصطفى") قبل أن يقدم
الوهابيون على جريمتهم الكبرى بهدف القباب والعلامات على قبور أهل البيت (ع)
والصحابة (رض) قبل نحو 90 عاماً.
***
فسلام الله وتحياته على تلك المرأة المؤمنة المجاهدة التي شرفها الله
تعالى بما لم تحظ به امرأة من:
- الاقتران
بسيد مكة وكافل النبي (ص) ومن أول المؤمنين به
- تربية سيد المرسلين (ص)
- أمومة
سيد الوصيين (ع)
- أمومة
الأئمة الأثني عشر (ع) جميعاً
- ولاية
النبي (ص) أمر دفنها وتلقينها
|