من جعبة الشيطان – آل محمد (ص) ليسوا عترته
الطاهرة!
الشيطان اللعين عدو لبني آدم ((إن الشيطان لكم
عدو))، وعند المسلمين أن رسول الله محمداً (ص) هو سيد ولد آدم (ع)، لاصطفاء من
الله في الأصل ولحمل الرسالة الخاتمة إلى الناس، لهذا فإن العدو الأول للشيطان هو نبينا
محمد (ص).
وبما أن الإمامة الشرعية بعد النبي (ص) في أهل
البيت (ع) (ما سننشر عنه تباعاً بإذن الله)، ولكن يكفي ما أثبتناه من المنزلة
الفريدة لهؤلاء النفر الكريم (ع) من خلال الإلفات إلى "الصلاة عليهم" في
تشهد الصلاة اليومية، فلا أظن أن أحداً يختلف حول حقيقة أن الجماعة التي يعاديها
الشيطان بعد نبينا (ص) هم آله الطاهرون (ع)، فإنه يعادي الأقرب إلى الله فالأقرب
نزولاً.
لذلك، لم أتعجب كثيراً (فما عشت أراك الدهر عجباً)
عندما وجدت نفسي في نقاش في مجموعة إيميلية حول مصطلح "آل محمد" الذي في
"تشهد الصلاة". ذلك أن هناك في هذه الأمة من يجاهد جهاداً عظيماً لدفع
كل فضيلة لهؤلاء الطاهرين (ع).
اليوم علق الشريف عداب الحمش على إحدى منشوراتي
((والذين آمنوا أشد حباً لله)) بطريقة تسخر مما تفعله هذه الأمة بنفسها وهي تأتي
بمعان لكلمة "آل محمد" تارة أنهم "الأمة كلها" وتارة أنهم
"الأتباع" الخ، المهم عندهم هو إبعادها عن العترة الطاهرة. فوعدته على
نشر النقاش من أجل "العترة المظلومة + الأمة المجهّلة + جناب الشريف الحمش".
قلت للإخوة أناقش أقوالهم (التي بين أقواس
الاقتباس):
(1) قولكم "يفهم البعض وأظنهم على خطأ أن آل محمد هم أقاربه وخاصة
أبناء إبنته فاطمة رضي الله عنها ونسلهما إلى أبد الآبدين"
أقول: ليس صحيحاً، لأنه لا يقول أحد أن "آل
محمد" هم الذرية إلى أبد الآبدين، بل هم علي وفاطمة والحسنين والأئمة من ولد
الحسين (ع).
(2) وتتمة قولكم "ويجدر الإشارة أن هناك فرق بين
"آل" و "أهل". فـ "آل" هم الأتباع، أما الأهل فهم
الأقارب من الخاصة المقربين".
أقول: التفريق بين "آل" و "أهل"
فيه ما يستوجب النظر لأن القرآن دقته تبهر العقول وعليه فإن استخدامه للمفردتين لا
بد أنه لدلالات. هذا يستدعي بحثاً مستفيضاً لا مجرد السرد.
(3) تعليقاً على ما ذكره البعض أن الآل غير الأهل هو ما يقوله
اللغويون،
أقول: الواقع أن رأي أن الآل هم الأهل هو الأقوى –
فالمنجد الذي عندي يقول نصاً "آل الرجل
أهله"، كما جاء في غيره.
كما أن فقيهاً كالشافعي بالتأكيد هو أكثر معرفة
باللغة منا حيث يقول:
يا أهل بيت رسول الله حبكم ** فرض من الله في القرآن
أنزله
كفاكم من عظيم القدر أنكم ** من لم يصل عليكم لا
صلاة له
فهو ساوى بين "أهل بيت رسول الله" وبين
"الذين يصلى عليهم في الصلاة التي نقول فيها آل محمد".
ومؤكد أن أبا فراس الحمداني يعرف اللغة أكثر منا
حيث يقول مخاطباً بني العباس:
أأنتم آله فيما ترون وفي**أظفاركم من بنيه
الطاهرين دمُ
كان بنو العباس يقولون أنهم من أهل بيته (ص)، فهنا
يساوي أبو فراس بين الآل والأهل.
(4) إن الآيات التي جئتم بها للدلالة على أن
"آل" تعني الأتباع وليس الأهل يخالف ما ذهبت إليه:
(الآية الأولى) ((وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ
مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ
وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (49)
وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ
وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ)) البقرة:50
سؤالي: هل أن جميع آل فرعون كانوا يقومون بالتعذيب والذبح واستحياء النساء،
أم فرعون ورهطه الأدنون؟ هل أن الظلم وقع من فرعون أم أنه مشترك مع المصريين؟ فلو
قلت الجميع، فهل ((وأغرقنا آل فرعون)) هو إغراق فرعون وجميع أتباعه بحيث أن مصر
خلت من الذين كانوا يظلمون بني إسرائيل؟!
(الآية الثانية) ((وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ
يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا
تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ
لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)) البقرة:248
سؤالي: هل المقصود هو جميع ما تركه أتباع موسى وهرون (ع)؟ لأنه لا يمكن
للتابوت أن يحوي بقية مما ترك الأتباع كلهم حتى ولو كان شيئاً قليلاً من كل منهم
أو من معظمهم.
(الآية الثالثة) ((أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللهُ
مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ
وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا)) النساء:54
سؤال 1: هل أن جميع أتباع إبراهيم (ع) أوتوا الحكمة؟ هل جميعهم أوتوا الملك
العظيم؟
سؤال 2: هل أن ((الناس)) المحسودين هم جميع أتباع النبي محمد (ص)؟ إذا كان
"الحاسدون" يحسدون على فضل الدين ((من فضله)) فالمسألة بسيطة: يدخلون
فيما دخل فيه "المحسودين" لينالوا الفضل! إذاً، "المحسودون"
جماعة قليلة حسدها الآخرون.
سؤال 3: ألا يستدعي التدبر الحقيقي النظر في التقابل بين ((الناس))
المحسودين في أمة محمد (ص) ومن يقابلهم في أمة إبراهيم وهم ((آل إبراهيم))؟ من
يقابل آل إبراهيم (ع) عندنا غير آل محمد (ص)؟ وإذا كان "ذلك كذلك + اللغويون قالوا
أن الآل هم أهل الرجل + الحسد لا يمكن أن يكون لجميع الأتباع"، أفلا ينبغي
النظر في دور آل محمد (ص) الذين تشير الآية ضمنياً إلى أنهم أوتوا الكتاب والحكمة؟
(الآية الرابعة) ((وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ
تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا
أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ
عَلِيمٌ حَكِيمٌ)) يوسف:6
سؤالي: هل أنعم الله تعالى على جميع أتباع يعقوب وإسحق وإبراهيم (ع) أم على
هؤلاء المطهرين فحسب؟
(الآية الخامسة) ((إلاّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ))
الحجر:59
سؤالي: نعم، النجاة لجميع المؤمنين، ولكن معنى النجاة جميعاً لـ ((آل لوط))
تعرفه من آية أخرى ((فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين)) الذاريات:36، وهو بيت
لوط (ع)، وبالتالي الآية واضحة أن ((آل لوط)) هم أهل بيته البيت الوحيد من
المسلمين؟
أخيراً: هناك آيات أخرى ترجح هذا الاتجاه-
كما في آية ((إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ
عَلَى الْعَالَمِينَ)) آل عمران:33
فلو كان الآل هم الأتباع، لماذا شمل الاصطفاء أتباع إبراهيم وأتباع عمران
(ولا ندري من هم أتباع عمران ولا عددهم) ولم يشمل أتباع آدم وأتباع نوح (ع)؟
سؤال آخر: هل يعقل أن "الاصطفاء" يشمل جميع أتباع الأنبياء (ع)
وفيهم شديد الإيمان وفيهم ضعيف الإيمان وفيهم ما بين ذلك درجات كثيرة؟
فيا إخوة الإسلام
((يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ))
بل
كونوا كما نصحكم الله تعالى
((إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا))...
ولا معاداة
للشيطان كما هو الخضوع لأمر الله الذي أخبرنا
((وَرَبُّكَ
يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ، مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ))
ما كان لقريش أو
غيرها، ولا الصحابة ولا التابعين، ولا العلماء ولا العامة،
الإختيار لله
تعالى حصراً...
والحمد لله رب
العالمين.